جريدة الوطن اليوم جريدة إلكترونية تقدم أهم الأخبار العربية والعالمية العاجلة والأخبار السياسية والاقتصادية والفن وبث مباشر للمباريات والحوادث.

بقلم حسن النجار .. ضرورة تحرك الحكومة لضبط الأسواق من اجل المواطنين

السؤال الآن: هل تجارنا الكرام يرغبون أن يحشروا مع النبيين والصديقين والشهداء إذا كانوا من صنف (الأمناء) ؟

0 2٬001٬772

بقلم حسن النجار .. ضرورة تحرك الحكومة لضبط الأسواق من اجل المواطنين

حسن النجار
حسن النجار

بقلم | حسن النجار

السؤال الآن: هل تجارنا الكرام يرغبون أن يحشروا مع النبيين والصديقين والشهداء إذا كانوا من صنف (الأمناء) ؟

لا صوت يعلو الآن على صوت ضرورة تحرك الحكومة لضبط الأسواق بعد أسابيع شاهدنا فيها استغلالا لا علاقة له بأصول وقواعد السوق، ولا يقره قانون أو شرع أو عرف تجارى.. وعندما اتخذت الحكومة بعض الاجراءات هدأت الأسواق الى حد ما، وتراجعت أسعار الذهب والدولار وهدأت عمليات المضاربة عليهما بعد أيام من القلق والاضطراب..

 كما تراجعت أسعار بعض السلع الاستراتيجية.. ونحن جميعا نتطلع الى مزيد من الإجراءات فهذه مسئولية الحكومة ولا يجوز لأحد أن يتشدق بشعارات جوفاء فحرية التجارة لا تعنى أبدا حرية الاستغلال.

تدخل الحكومة ببعض الإجراءات – كما قال العديد من الاقتصاديين الموضوعيين- كان واجبا، بل طالبوا بالمزيد من الإجراءات لأفشال مخططات المحتكرين والمضاربين الذين يستهدفون جنى أرباح حرام استغلالا لحالة اقتصادية طارئة،

 وقد أكد رئيس الغرفة التجارية للذهب أن قرار انضباطي واحد للبنك المركزي بإلزام مصدري المشغولات الذهبية بإيداع حصيلة الإيداع فى البنوك المصرية خلال أسبوع – بعد أن كانت المهلة من قبل ستة أشهر-

أدى الى تخفيض سعر جرام الذهب خلال يومين الى أكثر من مائتي جنيه حيث كان مصدرو الذهب يتاجرون بحصيلته فى سلع أخرى للتكسب منها دون أن تعود تلك الحصيلة للبنوك المصرية لتوجه الى استيراد جديد.

لذلك تستطيع الحكومة بإجراءات مدروسة أن تعيد الانضباط إلى الأسواق وأن توقف نشاط المحتكرين والمستغلين والمتاجرين بأقوات الناس.. مسئولية الحكومة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضبط الأسواق حرصا على الأمن المجتمعي وحرصا على مصالح المستهلكين الذين تعرضوا خلال الأسابيع الماضية لصور عديدة من الاستغلال والجشع من جانب بعض المستوردين وكثير من التجار..

 كما أعطى علماء الشرع لولى الأمر- ممثلا فى أجهزة الدولة المعنية بمراقبة الأسواق-الحق فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوق الناس.

مواجهة الدولة لـ المستغلين ليست ضد حرية التجارة، ومن يرى غير ذلك يسأل الأوروبيين: لماذا وضعوا سقف محدد لأسعار استيراد الغاز فى بلادهم.. أليست أوروبا هي معقل حرية التجارة فى العالم؟!

مواجهة أجهزة الدولة للمحتكرين والمستغلين مطلب شعبي، وقد سبق وطالب برلمانيون بوضع قائمة سوداء لـ التجار الغشاشين والجشعين، وإعلان المخالفات الجسيمة التى ارتكبوها لكى تكون رادعا لغيرهم من التجار؛ ولكي يتجنب المستهلك التعامل مع هؤلاء التجار..

كما تبنى بعض المعنيين بالشأن الاقتصادى مطالب أخرى بالتصدي لظاهرة الاحتكار للسلع والمنتجات والخدمات حرصا على حقوق المستهلكين فى الحصول على ما يريدون من سلع وخدمات بأسعار عادلة،

 دون مغالاة، وإحداث توازن في السوق بين حقوق المنتجين وحقوق التجار وحقوق المستهلكين الضائعة بين المنتجين أو المستوردين.. والمستهلكين الذين يدفعون وحدهم ثمن موجات الغلاء المتواصلة.

رقابة الأجهزة المعنية بضبط الأسواق واجبة

لذلك تظل رقابة الأجهزة المعنية بضبط الأسواق واجبة، وهى لا تعنى التأثير على حركة الأسواق وتطبيق المعايير الصحيحة لحرية التجارة، ولذلك لم يجد الاقتصاديون وصفا يليق بما حدث من العديد من التجار خلال الأسابيع الماضية أدق من وصف “فوضى السوق” وطالبوا بتدخل الأجهزة الحكومية بما تملك من إجراءات محاسبة وردع لضبط الأسواق..

 بل طالب البعض بتدخل الأجهزة الحكومية لتحديد أسعار عادلة لـ السلع الاستراتيجية التى تتعلق بحياة الناس اليومية وخاصة محدودي الدخل، وأعتقد أن الحكومة استجابت لذلك، ونحن فى انتظار النتائج.

يجب أن نعترف أن ترك الحرية للتجار ليحددوا أسعار بضائعهم دفع البعض الى استغلال حالة السوق وإخفاء بعض السلع الضرورية لتعطيش السوق طمعا فى أرباح أكثر على حساب محدودي الدخل وهم القطاع الأكبر من المستهلكين، وكان من نتيجة ذلك تعدد أسعار السلعة الواحدة فى الشارع الواحد،

 حتى الدواء تفاوتت أسعار الصنف الواحد ما بين صيدلية وأخرى، فثمن عبوة قطرة العين اشتريته من صيدلية بزيادة عن سعره المعتاد بعد الزيادة بسعر، واشتريته من صيدلية مجاورة بأقل من الصيدلية الأولى ب25 جنيها،

وعندما عدت للصيدلية الأولى محتجا سمعت مبررات ساذجة وغير مقنعة مما دفعني الى إعادة الدواء لهم وشراء ما أريد من الصيدلية التى يتقى صاحبها ربه ولا يرفع الأسعار عشوائيا كما يفعل الآخرون.

أجهزة الرقابة على الأسواق تستطيع أن تسهم بدور كبير فى ضبط الأسعار وتخفيف حدة الاستغلال من خلال إجراءات قانونية لا تتصادم مع مبدأ حرية التجارة.. فليس من حرية التجارة إخفاء بعض السلع الضرورية لحياة الناس لارتفاع سعرها..

 وليس من حرية التجارة أبدا فرض أسعار عشوائية مبالغ فيها وعدم الإعلان عن أسعار السلع لتفاجئ بالأقبح منها وأنت أمام الكاشير وتضطر للدفع منعا للإحراج..

 وليس من حرية التجارة عدم وجود تاريخ صلاحية على المنتجات الغذائية.. وليس من حرية التجارة خداع المستهلكين بمبررات ساذجة لا يقبلها عقل ولا يقرها منطق.. حرية التجارة تعنى كشف الحقائق للمستهلكين لاتخاذ القرار الذى يحقق مصالحهم ويحميهم من الاستغلال.

سألت احد الأزهرين وعضو في هيئة كبار العلماء: هل من حق التاجر أن يحدد السعر الذى يريده ويغالى فى أسعار ما يعرضه على الناس؟

قال: الإسلام يقر الحرية المنضبطة للأسواق، ويعطى للتاجر حرية تحديد هامش ربحه “دون استغلال لحاجة الناس” والتاجر الوطني يشعر بظروف مجتمعه وأحوال المستهلكين الذى هو واحد منهم..

 والتجارة تضبطها أخلاقيات وما ورد من مكافآت وحوافز إلهية للتاجر الملتزم بأخلاقيات دينه ينبغى أن يدفع كل التجار الى وقف موجات الاستغلال التى نعانى منها الآن.

والسؤال الآن: هل تجارنا الكرام يرغبون أن يحشروا مع النبيين والصديقين والشهداء إذا كانوا من صنف (الأمناء) .. أم يفضلون أن يكونوا مع من وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ب (الفجار) نظرا لطمعهم وجشعهم وكذبهم؟

اترك تعليق