بقلم حسن النجار : ظاهرة الغش في الامتحانات هذه الظاهرة لها عواقب وخيمة على البنيان الاجتماعي بأسْره – جريدة الوطن اليوم

مقال : الكاتب الصحفي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم

0

بقلم حسن النجار – ظاهرة الغش في الامتحانات هذه الظاهرة لها عواقب وخيمة على البنيان الاجتماعي بأسْره – جريدة الوطن اليوم

حسن النجار
حسن النجار

بقلم | حسن النجار

 مقالات ورأى – جريدة الوطن اليوم ..من بين الظواهر السلبية التى تنتشر بين طلاب المدارس والجامعات، ظاهرة الغش فى الامتحانات، ومن غير شك فإن هذه الظاهرة لها عواقب وخيمة على البنيان الاجتماعي بأسْره؛ إذ يموت المريض على يد طبيب ينجح بالغش،

ويتفشّى الجهل فى العقول على يد معلم ينجح بالغش، ويضيع العدل على يد قاضٍ ينجح بالغش، وتنهار المنشآت والمباني على يد مهندس ينجح بالغش، وتسود الخرافة فى الدين على يد داعية ينجح بالغش!

وفى الحقيقة أن الطالب ليس مسئولًا فى المقام الأول عن تفشى هذه الظاهرة الممقوتة، ولكن ثمة عوامل بيئية ومجتمعية متعددة هي من أسهمت فى تكوين طالب غشاش، طالب بات يُعِدُّ الغش أمرًا مشروعًا، وأنه حق مكتسب له،

[better-ads type=”banner” banner=”32025″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″ lazy-load=””][/better-ads]

وإذا أردت أن تمنعه من ممارسته؛ قال لك متحججًا: إن الأوضاع فى المجتمع كلها فاسدة، وأن نظام التعليم برمته نظام فاشل، وأنه بعد أن يُنهى تعليمه ويتخَّرج لن يجد فرصة عمل ملائمة؛ فيستوى فى هذه الحالة أن يكون نجح بمجهوده، أو نجح بالغش!

ولكن هل تصلح هذه الحجج فى تبرير الغش؟! وهل يعالج الخطأ بخطأ أكبر؟!

أتفق معك عزيزي الطالب: فى أن نظام التعليم فى بلدنا يحتاج كثيرًا من التطوير والإصلاحات الجذرية، وأهمها ألا يعتمد التعليم على الحفظ والتلقين،

اقرا ايضا | 

https://elwatanelyoum.com/2022/12/10/%d8%a8%d9%82%d9%84%d9%85-%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ae%d8%a7%d9%88%d9%81-%d9%83%d8%a8%d8%b1%d9%89-%d8%b9%d8%af%d8%af-%d8%b3%d9%83%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84/

اللذين لا يربيان ملكة إعمال الفكر والتأمل، وأتفق معك كذلك فى أن نُظُم الامتحانات لدينا بها قصور فى كثير من جوانبها، وأنها عامل أساسي فى انتشار الغش.

وأعترف كذلك أن ثمة أساتذة يتعسفون فى وضع امتحاناتهم، ويأتون بأسئلة معقَّدة غير واضحة، ليست بمقياس حقيقي لفهم الطالب واستيعابه، وكأنهم فى حالة تحدٍّ للطالب، وأنه ندٌّ لهم، والأمر على غير ذلك، فالطالب ليس أستاذًا، ولكن كل هذا لا يبرر أن يكون الطالب غشاشًا.

والأمر الأكثر دهشة واستغرابًا أن تجد كثيرًا ممن يراقبون على الطلاب، ويفترض فيهم الأمانة، هم أنفسهم من يساعدونهم على الغش، هؤلاء قد انعدمت ضمائرهم، وماتت مبادئهم، وخانوا الأمانة المؤتمنون عليها، فبدلًا من أن ينصحوا هذا الطالب الصغير الذى لا يعي الخطورة الكاملة لما يقوم به،

اقرا ايضا | 

https://elwatanelyoum.com/2022/10/19/%d8%b1%d8%b6%d8%a7-%d8%ad%d8%ac%d8%a7%d8%b2%d9%8a-%d9%88%d8%b2%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%85-%d9%84%d9%80-%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%a8/

تجدهم يُسهِّلون له الأمر، ويقولون له: «أنا هعمل نفسى مش واخد بالى وانت خلص نفسك ولو معاك حاجة طلعها بسرعة»، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بل إن بعض المراكز الآن تقوم بتلخيص المناهج ووضعها فى أوراق مصغرة جدًّا كي يسهل على الطالب إخفاؤها، ومن ثَمّ الغش منها، وأصبح هذا الأمر تجارة رائجة لهم يتربحون من ورائها أموالًا وفيرة، وهى أموال محرَّمة،

بل هناك من يبتكرون كل يوم وسيلة جديدة، يسهِّلون بها الغش على الطلاب، ويقومون بالترويج لهذه الوسائل على مواقع التواصل الاجتماعي، وينبغي أن يكون للقانون وقفة مع أمثال هؤلاء، وأن يقرر لهم جزاءات رادعة؛ جزاء الإفساد الشديد الذى ينشرونه فى المجتمع.

هذه الظاهرة من الحقيقة
هذه الظاهرة من الحقيقة

وفى اعتقادي أن العامل الأكبر والأهم فى علاج هذه الظاهرة يبدأ من الأسرة؛ حيث التربية الدينية القويمة، وتعليم الأبناء أن الغش حرام، وأنه فساد عظيم، وأن الرسول، صلى الله عليه وسلم،

قد نهانا عنه بقوله: «من غشنا فليس منا»، الغش حرام فى كل شيء، فى المعاملات، وفى الامتحانات، وفى العلاقات، فالغش صديق الكذب، وكلاهما ممقوت مكروه؛ لأنهما يحملان معانى التدليس والخداع، وإيهام الغير بأشياء غير حقيقية، وعلى الغشاش أن يعلم أنه يخدع نفسه قبل أن يخدع غيره.

عزيزي الطالب، نحن نقترب من  الامتحانات وهي بداية الترم الاول لعام جديد يطل علينا لا تفهم من وراء هذه السطور أننى أريد أن أَجْلِدَك أو أن أُلقى باللوم الكامل عليك، لا، هذا ليس مقصدي، إنما أردت أن أنبّهك وأن أنصحك وأرشدك إلى الصواب، فالغش من الصفات المقيتة،

ومن شبَّ على شيء شاب عليه، فالطالب الغشاش هو نفسه ذلك الموظف المرتشي، أصلح نفسك قبل أن تطالب بإصلاح المجتمع، وقبل أن تنادى بإطفاء حرائق الغابات الاستوائية، قم بترتيب حجرتك أولًا.

اترك تعليق