جريدة الوطن اليوم جريدة إلكترونية تقدم أهم الأخبار العربية والعالمية العاجلة والأخبار السياسية والاقتصادية والفن وبث مباشر للمباريات والحوادث.

بقلم حسن النجار: نعيش في زمن غريب يهتمون بكلام الناس ولا يهتمون بمشاعرهم. 

0 3٬117
حسن النجار
حسن النجار

بقلم | حسن النجار

عفوا لا حديث اليوم في السياسة.. ولا حديث في الاقتصاد.. ولا حتي في كرة القدم والنتائج الأخيرة المخيبة للأندية المصرية ومنتخب الشباب.. نعيش في زمن غريب يهتمون بكلام الناس ولا يهتمون بمشاعر الناس.

 فالحديث اليوم يحمل من الدموع والآلام ما يجعله حديثاً من القلب موجهاً لكل أسرة أهملت في تربية الأبناء ولم تغرس فيهم قيم ومعاني الطيبة والجمال في العلاقات الإنسانية ولم تعلمهم أن هناك حدوداً للسخرية من بعضهم البعض وحدوداً لـ التنمر وحدوداً لـ الاختلاف.. وأن الأصل في التعليم هو التربية فالتربية تأتي قبل التعليم لأن التربية هي مقدمات وأساس التعليم السليم.

واليوم نتحدث عن سلمي سعيد.. طالبة في الصف الأول الثانوي بإحدي مدارس الهرم.. وسلمي ذهبت إلي المدرسة في يوم اعتقدت أنه سيكون مثل كل الأيام جداً ولعباً وهزاراً..

ولكنها في هذا اليوم الحزين وجدت أن هناك واقعاً أكثر قسوة في الحياة.. أن هناك قلوباً حتي وإن كانت صغيرة إلا أنها لا ترحم ولا تعرف طريق الرحمة.. وجدت من تسخر منها وتقول لها “انتي مستحملة شكلك ده إزاي”.. ووجدت أخري تقول لها: “تلعبي معانا إزاي انتي مش من مستوانا”..!

 وسلمي اعتصرها الألم.. رودينا عادت للمنزل تروي لشقيقتها ما تعرضت له من تنمر من زميلاتها.. وسلمي سعيد لم تكمل روايتها.. سلمي انهارت وسقطت علي الأرض وفارقت الحياة..!!

سلمي كانت ضحية التنمر وضحية القسوة في هذه المرحلة العمرية الحرجة.. سلمي لم تستطع من داخلها المقاومة. فقررت روجها البريئة أن تغادر هذه الحياة القاسية إلي حياة أخري فيها كل معايير الأمان والخير والاطمئنان.

وقصة سلمي لا نرويها لكي نذرف عليها الدموع.. قصة سلمي نحكيها ونكتب عنها لأننا ننشد من وراء الحديث فيها أن تكون هناك استفاقة. أن نعلم أولادنا معاني الإنسانية. أن يكون التنمر والاستهتار بمشاعر الآخرين جريمة وكبيرة من الكبائر.

وسلمي سقطت ضحية لـ القسوة في التعامل وإهمال حقوق الآخرين.. والاستهزاء بأوضاعهم الصحية والجسدية.. وسلمي سقطت لأننا مازلنا نعيش في جلباب الماضي عندما كان أبناء الحي يتنمرون من أصحاب الهمم ويتندرون بهم..

وسلمي لم تكن من أصحاب الهمم ومع ذلك دفعت الثمن حياتها لأن الصغيرة التي كانت علي أعتاب الحياة لم تستوعب بعد أسوأ دروس الحياة.. وهو القسوة..  وكم كنت قاسية أيتها الدنيا علي رودينا وعلي أسرتها.. وعلينا أيضاً.

وجلس الطفل الذي لا يتجاوز عمره السنوات العشر وقد أمسك “بالموبايل” وقد انعزل تماماً عن جميع من حوله.. وبدا أنه يتابع أشياء جذبت اهتمامه. فتارة يبتسم. وتارة ينفعل.. وتارة أخري ينظر إلينا باستغراب..!

وفي محاولة للتقرب من الطفل.. في محاولة لتملق هذا الطفل لكي يتحدث عما يشاهده فإنه أوضح أنه يتابع ما يدور علي “التيك توك”.. وقالت والدته إنه اعتاد الجلوس لساعات وهو يشاهد “التيك توك” طوال اليوم ويتبادل ما يشاهده مع أصدقائه..!

»   بقلم حسن النجار.. الزيادة السكانية من الملفات التي تعطل مسيرة مصر نحو التقدم والرخاء

ولم يكن غريباً ما يفعله هذا الطفل.. ففي كل بيت هناك قصة مشابهة عن طفل أصبح أسيراً للعالم الإلكتروني.. طفل لا يعرفهم ولا يعرفونه.. طفل يقول ألفاظاً غامضة مختلفة ويعرف الكثير عن عالم الكبار أكثر مما يعرفه بعض الكبار عن أنفسهم!! طفل يعيش عالماً آخر لا نعرفه ولا يعرفنا..!

ولم يكن غريباً أيضاً أن تبدأ بعض الدول “الأوروبية” قبل “العربية” اتخاذ خطوات جادة نحو حذف تطبيق “التيك توك” حماية للأطفال وخوفاً عليهم من تأثيراته السلبية.

وحتي في المفوضية الأوروبية فإنهم طالبوا موظفيهم بحذف “التيك توك” من أجل حماية المعلومات والأمن السيبراني.. وقد تكون الحقيقة هي أن الموظفين باتوا هم أيضاً ضحايا لـ “التيك توك” ومتابعته علي حساب العمل والأداء..!! مصيبة من صنع أيدينا.. ولا فكاك منها ولا خلاص!!

حسن النجار .. والناس انقسمت مابين مرحب بحكم القضاء العادل.. وما بين الشعور بالتعاطف “الإنساني”

ونعود لحوارتنا وقضايانا الحياتية.. ولا قضية ولا حوار في الشارع. وفي كل المواقع الإلكترونية وداخل وخارج مصر إلا عن حكم محكمة النقض برفض طعن المستشار مرتضي منصور وتأييد حكم حبسه لمدة شهر حيث بدأ التنفيذ بالفعل..!!

والناس انقسمت ما بين مرحب بحكم القضاء العادل.. وما بين الشعور بالتعاطف “الإنساني” مع مرتضي وأسرته..!! ويقينا فإن مرتضي أخطأ.. والخطأ لابد له من عقاب.. وكنا في انتظار تنفيذ العقاب.. ولكن شيئاً ما يجعلني أشعر بالحزن من أجله.. وهو شيء لا أعرف ولا أجد له تفسيراً..!

وعندما يعلن عدد من ا لفنانين تضامنهم مع المطرب سعد لمجرد الذي يواجه عقوبة بالسجن في فرنسا بتهمة التحرش والاغتصاب. فإنني أريد تفسيراً لمعني التضامن..

هل هو مجرد لفتة إنسانية.. أم أنهم علي استعداد لمشاركته الزنزانة.. وبماذا يفيد التضامن في هذه الحالات..

إنه أشبه بهتافات الجماهير التي كانت تردد دائماً.. بالروح.. بالدم.. نفديك يا زعيم.. بينما الزعيم مات.. طب هيفدوه بإيه..!

والدكتورة نهلة عبدالوهاب استشاري البكتيريا والمناعة تحذرنا من أن هناك بعض أنواع الشيكولاته تحتوي علي مستخلصات من “الصراصير”..!!

 وبدون محاولة للفهم.. وبدون سؤال.. وبدون تردد.. سنقاطع الشيكولاته.. هيحصل إيه يعني.. لا شيكولاته داكنة ولا بيضاء..!! قال يعني بناكلها كل يوم.. خلينا في إللي إحنا فيه..!

وأخيراً: نعيش في زمن غريب يهتمون بكلام الناس ولا يهتمون بمشاعر الناس.

حسن النجار .. وفي تعبيرى .. اقول .. وكأن لا شيء بي وبي ألف شعور لا يُقال. وعندما يغيب المنطق.. يرتفع الصراخ. وأولي علامات الشيخوخة أن تتحول من إنسان يحلم إلي إنسان يتذكر.

اترك تعليق