تفاصيل دهس مهندس بـ «لودر» في القاهرة الجديدة والنيابة العامة توضح الحقيقة
تفاصيل دهس مهندس بـ «لودر» في القاهرة الجديدة والنيابة العامة توضح الحقيقة
كتب| احمد البدرى
تحقيقات – جريدة الوطن اليوم .. أمرت النيابة العامة، اليوم الأربعاء، بحبس سائقٍ قتل مهندس بجرافة لودر بالقاهرة الجديدة. وكانت النيابة قد أخطرت صباح الاثنين الخامس عشر من شهر مايو الجاري بدهس سائق معدةٍ ثقيلةٍ «لودر» مهندسًا بموقع بناءٍ تحت الإنشاء،
باستخدام جرافتها، وتم ضبط المتهم واللودر المستخدم في الجريمة، فباشرت النيابة العامة التحقيقات.
وقد استهلتها بالانتقال لمسرح الواقعة لمعاينته ومناظرة جثمان المجني عليه، واصطحبت عددًا من شهود الواقعة لسؤالهم، واستجوبت المتهم المضبوط الذي أقر بارتكابه الجريمة وأجرى محاكاةً تصويريةً لكيفية ارتكابها
وكان حاصل أقوال شهود الواقعة في التحقيقات أن المجني عليه يعمل مهندسًا بالموقع، بينما المتهم يعمل سائقًا به لرفع مخلفات أعمال البناء باستخدام لودرٍ يقوده، وأن المتهم لم يكن يخالط باقي العاملين بالموقع، ولا يوجد أي خلافاتٍ بينه وبين أحدٍ،
ولم يسبق رؤية حوارٍ يجري بينه وبين المجني عليه سلفًا أو قبيل الواقعة، ولم تحدث أي مشادةٍ بينهما حينها، وقد تناهى لسمع العاملين بالموقع صراخ المجني عليه فأبصروه ملقًى أرضًا بجوار اللودر غارقًا في دمائه وقد فارق الحياة بعدما صدمه المتهم بجرافته عدة مراتٍ متتابعةٍ، فضبطوه وأبلغوا الشرطة.
وباستجواب المتهم فيما هو منسوب إليه من اتهامٍ أقر بقتله المجني عليه عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، وقد توصلت التحريات إلى صحة الواقعة، والاشتباه في معاناة المتهم من مرضٍ نفسيٍ.
وعلى ذلك فقد أمرت النيابة العامة بحبس المتهم احتياطيًا على ذمة التحقيقات، وعرضه على مصلحة الطب الشرعي لأخذ عينة دماءٍ منه وتحليلها لبيان مدى تعاطيه لأي عقاقير طبيةٍ أو مواد مخدرةٍ،
إضافةً إلى ندب مصلحة الطب الشرعي لإجراء الصفة التشريحية على جثمان المجني عليه لبيان سبب وكيفية حدوث وفاته، مع استمرار التحفظ على اللودر المضبوط.
وجارٍ استكمال التحقيقات، واتخاذ إجراءات إيداع المتهم إحدى منشآت الصحة النفسية الحكومية لإعداد تقريرٍ بشأن حالته.
لم يصدقوا الحالة التي وجدوا أنفسهم عليها، ولكم تمنوا في تلك اللحظة أن تكون عيونهم قد خدعتهم، أو لم تكن تلك عيونهم من الأصل، لم يتبق لهم سوى أن يطالعوا جثة الابن الأصغر المهندس اليافع الذي كان ينتظره مستقبل باهر،
الكل يحكى أمامهم مأساة قتله على يد سائق «لودر» حفار، وتختلط الأصوات في جو يسوده الغضب: «ده رفعه بالسكينة لفوق ورماه، وبعدين رفع السكينة ونزل عليه مرتين لحد ما جسمه كله جاب دم بكميات مهولة».
«إزاى يتقتل عمد بموقع عمله»
تستمع إلى الأنين والعويل.. الصراخ والبكاء الممزوج بالحسرة، أمام مشرحة أحد المستشفيات في التجمع الخامس، مع وصول فريق من النيابة العامة لمناظرة الجثمان.. وهنا زملاء المهندس فادى نبيل يرددون الأدعية له: «ربنا يرحمك يا صاحبى.. ويصبر أهلك يا أطيب إنسان في الدنيا»، ليصل أخوه الأكبر «رامى»، برفقته أمه «سناء»: «يعملوا فيك كده يا حبيبى يا ابنى».
وتكتمل دائرة الأحزان بوصول شقيقه «يوسف»، من عمله بالكويت، يقول: «فاكهة البيت وآخر العنقود» ويطالعه مسجى أمامه، وزملاؤه يكشفون أن الغل ملأ قلب عامل طالبه المجنى عليه بالابتعاد عن موقع التشطيبات، فقرر إنهاء حياته على نحوِ مأساوى.
أسرة «فادى» صاحب الـ29 ربيعًا يقولون إنه حقق أمنية والده المتوفى قبل عام بأن يصبح مهندسًا مثله ومثل أخيه «يوسف»، الكل كان يشهد له بحسن أخلاقه وأنه «ملاك ماشى على الأرض»، وخلال فترة وجيزة كان قد حقق طفرة بعمله بشهادة زملائه ورؤسائه،
تنتابتهم أوجاع الفقد قبل تسلمهم تصريحًا بدفن جثمانه.. الأم لا تتصور رحيل الابن «صديقها» الذي كان يؤنس وحدتها: «هتسيبنى لوحدى وتمشى»، ويتألم شقيقاه بدهشة «إزاى يتقتل عمد بموقع عمله».
«إزاى يرفع المهندس بكبشة اللودر الحفار ويرميه كأنه مش بنى آدم»
الوجوم على وجوه زملاء «فادى» بإحدى شركات المقاولات التي كانت تنفذ أعمال تشطيبات بكومباوند شهير في التجمع الخامس، وهم يحكون أنه قتل عمدًا، ويطالبون: «لازم حقه يرجع»، ويقدمون الاستغاثات للجهات المعنية والمهندس طارق النبراوى، نقيب المهندسين.
فريق من النيابة يصل إلى مكان الحادث ويتحفظ على «اللودر»- أداة الجريمة- ويراجع كاميرات المراقبة، وتلقى قوة أمنية القبض على المتهم ويصدر قرار بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات، ويعترف بأن المجنى عليه كان يتحدث إليه بأسلوب سيئ، فيما يروى شهود العيان أن المهندس الضحية طالبه- وله الحق-
بالابتعاد عن موقع العمل والتشطيبات، فلم يعجب المتهم هذا الكلام واعتبره أوامر وإهانة، فقرر الانتقام على طريقته برفعه بالسكينة ورميه على الأرض والنزول بالسكينة متعمدًا مرتين متتاليتين على جسده.
«رامى»، شقيق المجنى عليه، تتساقط الدموع من عينيه، يتهم السائق بأنه «قتل أخويا عمدًا» قبل أن يستلم تصريح دفن جثمانه إلى مثواه الأخير.
زملاء «فادى» يطالبون بمحاسبة مَن عيّن سائق «اللودر» للعمل بالمشروع: «إزاى يشغلوا واحد موتور.. أكيد بيتعاطى مخدرات.. سلوكه غير سوى»،
ويشيرون إلى أن المهندس الضحية أثناء مروره بالموقع وجّه ببعض التعليمات للجميع، وعندما سمع السائق «إنه لازم يمشى»، ارتكب جريمته، مندهشين «إزاى يرفع المهندس بكبشة اللودر الحفار، ويرميه كأنه مش بنى آدم».
«فادي» مات من الإهمال
شهود العيان ممن تواصلت معهم «جريدة الوطن اليوم» أوضحوا أن سيارة الإسعاف حضرت بعد نصف ساعة من إبلاغها بالواقعة، ولسوء الحظ لعدم تنظيم الموقع «مليان أسياخ حديد بكل مكان، كاوتش العربية انقطع وتعطلت بالمكان لحد ما جت عربية تانية»، وعلى الرغم من ذلك «المسعفون لما وصلوا أكدوا أن نبض فادى بسيط جدًا، ولكن نتيجة الإهمال مات».
الشهود يرون أيضًا أن مهندسًا كان يطلب بوضع جهاز تنفس اصطناعى لإنقاذ «فادى» ونقله للمستشفى بسرعة، وأحد مسؤولي «الكومباوند» قال «العملاء لو شافوا المنظر كده، هيمشوا ومحدش هيشترى».