واشنطن تدين فظائع الدعم السريع وتطالب بوقف العنف في الفاشر
كتبت | عزة كمال
أدانت وزارة الخارجية الأميركية ما وصفتها بـ”الفظائع الجماعية” التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر شمال دارفور، معربةً عن قلقها العميق تجاه سلامة المدنيين داخل المدينة والفارين إلى المناطق المجاورة.
ودعت الخارجية الأميركية قوات الدعم السريع إلى الكف عن أعمال الانتقام والعنف العرقي، مؤكدة استمرار واشنطن في العمل مع شركائها لإيجاد مسار سلمي، وحثت الطرفين على اتباع نهج تفاوضي يضع حداً لمعاناة الشعب السوداني.
وفي السياق، أعربت منظمة “أطباء بلا حدود” عن خشيتها من أن آلاف المدنيين ما زالوا عالقين في الفاشر ويواجهون خطراً وشيكاً بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، فيما أظهرت صور بالأقمار الاصطناعية استمرار المجازر في عاصمة شمال دارفور.
وقد اندلعت الحرب في السودان في نيسان (أبريل) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو. وسيطرت قوات الدعم السريع، الأحد، على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، بعد حصار دام 18 شهراً.
ومنذ سقوط المدينة، تتابعت شهادات عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي وهجمات على عمال الإغاثة وعمليات نهب وخطف، وسط انقطاع شبه كامل في الاتصالات. وأفاد ناجون وصلوا إلى بلدة طويلة القريبة لوكالة فرانس برس بعمليات قتل جماعية وإطلاق نار على الأطفال أمام ذويهم وضرب ونهب للمدنيين أثناء محاولتهم الفرار.
وقال آدم، وهو أب لثمانية أبناء، إن اثنين من أولاده قُتلا أمام عينيه، مضيفاً أنه تعرض للضرب واحتُجز قبل أن يُفرج عنه لاحقاً. بينما روت زهرة، أم لستة أبناء، أنها فرت من الفاشر بعد اشتداد المعارك، لكن المقاتلين أوقفوا اثنين من أبنائها ولم يفرجوا إلا عن الأصغر.
كما أشار حسين، الذي يعاني كسراً في رجله جراء إصابته بشظية، إلى أن والده قُتل خلال الهجوم، مؤكداً أنه رأى جثثاً كثيرة وأشخاصاً مصابين تُركوا دون مساعدة.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 65 ألف شخص فروا من الفاشر منذ الأحد، بينما لا يزال عشرات الآلاف عالقين في المدينة التي كانت تضم نحو 260 ألف نسمة قبل الهجوم. وأوضحت “أطباء بلا حدود” أن المدنيين يُمنعون من الوصول إلى مناطق آمنة، ولم يتمكن سوى نحو خمسة آلاف شخص من الوصول إلى بلدة طويلة المجاورة.
وأشار رئيس قسم الطوارئ في المنظمة، ميشال أوليفييه لاشاريتيه، إلى أن “عدد الوافدين لا يتناسب مع حجم الكارثة”، متسائلاً عن مصير المفقودين الذين نجوا من الجوع والعنف، مرجحاً أنهم يُقتلون أثناء محاولتهم الفرار.
ووفقاً لشهادات شهود عيان، فإن نحو 500 مدني حاولوا الفرار الأحد، لكن معظمهم قُتل أو أُسر على يد قوات الدعم السريع ومجموعات موالية لها، حيث فُصل الفارّون بحسب الجنس والعمر والانتماء العرقي، واحتُجز كثير منهم مقابل فدية.
وقالت الأمم المتحدة إن عدد القتلى جراء الهجوم على الفاشر قد يبلغ المئات، فيما اتهمت قوات حليفة للجيش الدعم السريع بقتل أكثر من ألفي مدني. وأظهرت صور بالأقمار الاصطناعية مؤشرات على استمرار القتل الجماعي، حيث رُصدت 31 مجموعة أجسام يُرجّح أنها جثث بشرية في مناطق عدة داخل المدينة ومحيطها.
وخلال مؤتمر “حوار المنامة” في البحرين، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إن “السودان في وضع كارثي تماماً”، فيما وصفت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر التقارير الواردة من دارفور بأنها “مروّعة حقاً”، مؤكدة أن النساء والأطفال يتحملون العبء الأكبر من الأزمة الإنسانية.
من جانبها، أعلنت قوات الدعم السريع توقيف عدد من عناصرها المتهمين بارتكاب انتهاكات، بينما شكك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر في جدية التزامها بالتحقيق.
وتواجه قوات الدعم السريع والجيش السوداني اتهامات بارتكاب جرائم وانتهاكات واسعة منذ اندلاع الحرب. وكانت الولايات المتحدة قد خلصت سابقاً إلى أن الدعم السريع ارتكبت “إبادة جماعية” في دارفور.
ومن شأن سيطرة الدعم السريع على الفاشر أن تمنحها تحكماً كاملاً في عواصم دارفور الخمس، ما يعني عملياً تقسيم السودان إلى محورين شرقي وغربي، بينما يحتفظ الجيش بسيطرته على شمال وشرق ووسط البلاد.
وحذرت الأمم المتحدة من امتداد رقعة العنف إلى ولاية كردفان المجاورة، وسط تقارير عن “فظائع واسعة النطاق” ترتكبها قوات الدعم السريع.




