بقلم حسن النجار.. الحديث متاح وحدث ولا حرج اهل القرية مسقط راسي
بقلم | حسن النجار
نعم .. القرية المصرية عماد الدولة، أهلها طيبون، سيرتهم عطرة، جذورهم ممتدة لسابع جد، يعيشون عيشة بقدر ما هى عيشة بسيطة إلا أنها (عيشة هنية)، عيشة عز، عيشة تليق بالعائلات الموقرة،
فى الأفراح تجدهُم يداً واحدة، فى العزاءات يقفون وقفة الرجال كتفاً بكتف، فى الأعياد يتجمعون ويتبادلون التهانى وتشعر بأن فرحتهم فرحة مختلفة، ما زالت الابتسامة تعلو وجوههم، ما زالت الأخلاق حاضرة،
ما زالت العادات والتقاليد مترسخة، المحبة تنتشر وسط حارات القرية، مساجد القرية عامرة بالمصلين على الدوام، ما زال الاحترام موجوداً، الصغير يحترم الكبير، فالكبير له احترامه ومقامه ومكانته وتقديره وهيبته، فالكبير كلمته مسموعة وسيف على رقاب الصغار،
التكافل بين الأهالى حاضر، يعشقون الجيش ويعتبرونه (عمود الخيمة المصرية)، لا يُطيقون كلمة واحدة تُقال فى القنوات المعادية -التى تُبَث من الخارج- ضد «الرئيس السيسى» إلا ويردون عليها بكل جسارة، يقطعون ألسنة مَن يتجاوز فى حق أى مؤسسة من مؤسسات الدولة.
أكتب ذلك على اعتبار مواطن شعبي وابن القرية وابن الريف، أقضى أيام العيد فى القرية، أجلس مع الأصدقاء والأهل والأحباب والزملاء، أستمع لهم جيداً وأتعلم منهم وأستفيد، وخلال إجازة عيد الأضحى المبارك استمعت إلى حديث عدد كبير من أهالى القرية ودخلت فى حوارات لا حصر لها مع عدد من الشباب وأهل العلم وأهل الخبرة،
استمعت إلى آراء قامات كبيرة حول الأوضاع فى القرية، منهم مَن اشتكى الشكوى العادية من تأخر التوظيف، ومنهم مَن اشتكى من تراجع جهود نواب البرلمان وعدم وجودهم فى دوائرهم، ومنهم مَن اشتكى من عدم وجود أوتوبيس هيئة النقل العام ليربط بين القرية والمدينة.
تعمدت أن أذكر السلبيات التى ذكرها أهالى القرية أولاً قبل أن أبدأ فى سرد أهم ما لفت انتباهى، لأننى كنت أظن أن مشكلة القرية الآن هى غلاء الأسعار، فأغلبية مَن تحدثوا معى لم يشتكوا من غلاء الأسعار، بل سأتوقف أمام حديث أحدهم، حينما قال لى نصاً:
«الأسعار أقل بكثير من المدينة، مثلاً: كيلو البطاطس هنا بـ٦ جنيهات، كيلو الأرز بـ١٨ جنيهاً، كيلو البصل بـ٥ جنيهات، نحن نزرع ونأكل، لذلك نُعامل بعضاً بطريقة ممتازة ونتبادل المحاصيل معاً لذلك لا نشعر بغلاء أسعار الطعام»، أحد السادة المحترمين قال:
«لدينا مشكلة فى توافر بعض الأدوية»، لكنه فاجأنى وقال: «عرفت سبب الأزمة هذه وأعلم أن هناك أزمة اقتصادية عالمية فى جميع دول العالم وشركات الدواء تُعانى انخفاض أسعار الدواء رغم ارتفاع بعض المواد الخام التى يتم استيرادها من الخارج،
لذلك فإنه لا بد من ضرورة جلوس الحكومة مع شركات الدواء وقد جلسوا بالفعل وتم الاتفاق على توفير الدواء ومراعاة ما تمر به الشركات من ضائقة مالية».
أحد المواطنين قال لى: «فى دول الخليج تم رفع سعر البنزين ثلاث مرات خلال الستة أشهر الماضية، رغم أن دول الخليج من أولى دول العالم التى تُنتج البترول وتُعتبر من كبرى دول العالم المُصدرة له، أقول ذلك لأوضح أن الدول الكبرى تعانى، لأننا فى عالم مُتغير ويتحكم الاقتصاد فى السياسة».
أدركت أن وعى المواطنين المصريين وصل للذروة. يتحدث المواطن الريفى فى مجالات كثيرة وله آراء مُقنعة جداً ولا ينفصل عن مشكلات وطنه،
فهو مهموم بها، يظل يبحث عن سبب المشكلة وهو يعلم أن الوطن لا يُبنى بالشعارات الرنانة بل يُبنى بصدق النوايا والعمل الدؤوب والثقة فى القيادة التى تواجه المخاطر بكل قوة