بقلم حسن النجار: حريق سنترال رمسيس يكشف هشاشة البنية الرقمية

بقلم | حسن النجار
يبدو أن تداعيات حريق سنترال رمسيس تضعنا جميعًا أمام مسؤولية التفكير الجاد فى كيفية التعامل مع الطوارئ المستقبلية، فالعالم كله معرض للأزمات،
ومع تزايد اعتمادنا الكامل على التكنولوجيا فى شتى نواحي الحياة، لم يعد من الممكن تجاهل أهمية الإنترنت والتقنيات الرقمية، التى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء على مستوى العمل أو الخدمات أو التواصل.
لقد خلقت التكنولوجيا وظائف ونماذج عمل جديدة لم تكن ممكنة من قبل، مثل تطبيقات النقل والعمل عن بعد، بالإضافة إلى تقديم الخدمات العابرة للحدود، وهو ما يؤكد أن العالم تحول فعليًا إلى “غرفة واحدة” لا تفصله حدود.
ومن هنا، فإن مواجهة الأزمات التقنية لم تعد مسؤولية الحكومة وحدها، بل تقع على عاتق الجميع: وزارات، شركات، ومؤسسات. وعندما يتم انتقاد جهة ما، فهذا لا يكون بدافع الهجوم،
بل بهدف لفت الانتباه إلى ثغرات يجب معالجتها. علينا أن نتذكر، على سبيل المثال، ما حدث فى عام 2008 حين انقطعت الكابلات البحرية، مما تسبب فى خسائر واسعة على مستوى دولى، وهو سيناريو لا يجب أن يتكرر
وقد كشفت أزمة حريق سنترال رمسيس حجم تأثير مثل هذه الأحداث، إذ تعطلت خدمات شركات ومؤسسات عديدة، خاصة تلك التى لم تضع خططًا بديلة أو استثمرت فى بنية تقنية مرنة، وهو ما يستدعي من الشركات، خصوصًا المالية والمصرفية، أن تعيد النظر فى أولوياتها، وأن تستثمر فى بدائل تأمينية وتقنية لحماية عملائها وخدماتها.
من جهة أخرى، برزت سرعة استجابة “المصرية للاتصالات” فى إعادة تشغيل الخدمات كإشارة إيجابية، تعكس نتائج الخطط الحكومية الاستباقية لتأمين البنية التحتية الرقمية، ومن أبرزها قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء مركز البيانات والحوسبة السحابية P1، الذى تم افتتاحه فى 28 أبريل 2024، ويقدم خدمات متقدمة تشمل الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات الضخمة.
ورغم ذلك، تظل بعض الشركات الخاصة، التى تحقق أرباحًا بالمليارات، منشغلة بالدعاية والإعلانات دون الالتفات إلى التحديث أو إنشاء بنية احتياطية، وهو ما يتسبب فى تزايد شكاوى العملاء وغياب ثقافة احترام المستهلك
كما يلقى بعض المتخصصين باللوم على احتكار الشركة القومية للاتصالات للبنية المعلوماتية، لكن الحقيقة أن هذا النموذج متبع فى كبرى الدول الرأسمالية، التى تعتبر التحكم فى المعلومات والبنية الأساسية أمنًا قوميًا لا يُفرط فيه.
فى النهاية، لا بد أن نُدرك أن النقد يجب أن يكون متوازنًا، وأن مسؤولية مواجهة الأزمات موزعة بين الحكومة والقطاع الخاص. فالأزمات تكشف العيوب وتمنحنا دروسًا، ومع كل تحدٍ هناك فرصة لبناء مناعة رقمية، تمامًا كما تبني اللقاحات مناعة الجسم ضد الفيروسات. حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش؟