بقلم حسن النجار .. يجب التحاور والتشاور قبل اتخاذ أى قرار يمس حياة المواطن بداية للجمهورية الجديدة
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم عضو المكتب الفني للشؤون السياسية
بقلم | حسن النجار
بالطبع من المفترض ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة ألا تصدر قرارات عشوائية وبغير دراسة وافية، وألا تخرج تصريحات مخدرة لن تحل المشكلة ولن يقبلها المواطن، ونحن فى أشد الحاجة إلى المصارحة والمكاشفة وتبادل الرؤى مع المتخصصين لكبح جماح الغضب من صعوبة الحياة.. والأمثلة كثيرة.
أولا.. قرارات وزارة التعليم العالى
١- فوجئت واندهشت مما صرحت به الحكومة على لسان السيد الوزير من نية زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب البشرى بتنسيق ها العام ليكون ٢٥ ألف طالب بدلا من حوالى ١٢ ألفا فى العام الماضى، وأن هذا العدد قابل للزيادة فى حال دخول كليات طب بشرى جديدة هذا العام،
فى ظل العجز فى عدد الأطباء على مستوى الجمهورية.. والمعروف أن هناك نحو ٤٠ كلية طب بشرى من بينها ٢٥ كلية حكومية و١٢ كلية فى الجامعات الخاصة و٣ كليات فى الجامعات الأهلية وسيتم قبول نحو ١٧ ألفا و٥٠٠ طالب من المصريين بالثانوية العامة وما يعادلها من الشهادات العربية والأجنبية،
بالإضافة إلى قبول ٧٥٠٠ طالب من الوافدين إلى مصر.. والسؤال الموجه للسيد الوزير: هل تمت استشارة عمداء وأساتذة كليات الطب فى هذا القرار قبل إصداره؟،
وهل تأكدت قدرة هذه الكليات العلمية والتعليمية على القيام بواجبها على الوجه الأكمل مع هذه الأعداد الكبيرة؟، وهل لديها جميعا مستشفى تعليمى مثل قصر العينى الذى كنت أتلقى طلبات عديدة من طلاب كليات طب من كافة دول العالم لزيارة المستشفى فى إجازة الصيف للتزود بالتعليم الإكلينيكى الصحيح عندما كنت وكيلا للكلية لشؤون التعليم والطلاب؟،
وهل هذا الإجراء غير المدروس سوف يحد من هجرة شباب الأطباء؟، بالقطع لا.. فمشاكل الأطباء معروفة للجميع وفى مقدمتها المرتبات والمعاشات الهزيلة التى تعتبر الأقل من كل دول العالم،
ناهيك عن تكلفة الدراسات العليا والاعتداءات على الأطباء وأزمة علاج الأطباء وبيئة العمل فى الكثير من المستشفيات، وغيرها من العوامل التى تشجع على الهجرة إلى بيئة أفضل مع الأسف الشديد..
وقد ذكرنى هذا القرار باقتراح تم تقديمه منذ عدة سنوات لتحويل طالب الصيدلة إلى طبيب بشرى بعد انتهاء دراسته مع تزويده ببعض المعلومات الطبية لمدة عامين!!،
وهو ما تم رفضه بالإجماع رفضا قاطعا من نقابة الأطباء.. إننى أطالب بعدم التسرع فى هذا القرار الذى له مساوئ كثيرة منها عدم جودة ودقة التعليم مع استمرار هجرة الأطباء!.
وعن زيادة تكلفة التعليم الطبى يمكن زيادة مصاريف الكليات الحكومية بنسبة بسيطة تناسب كل المستويات مع دفع الطالب الراسب فى إحدى المواد تكلفة هذه المادة والتى يقررها مجلس القسم مع تقليل أعداد الطلاب غير المصريين الراغبين فى الالتحاق بالكليات الحكومية بحيث لا يزيد على ١٠٪ من المقبولين ويشترط الحصول على ٨٠٪ على الأقل فى الثانوية العامة،
وغير ذلك يمكن التحاقه بالجامعات الخاصة والأهلية مع الحفاظ على درجة القبول ٨٠٪ على الأقل من أجل الحفاظ على سمعة كليات الطب المصرية المعروفة عالميا.. ويبقى التأكيد مرة أخرى على أن إصلاح أحوال الطبيب هو السبيل الوحيد للحد من الهجرة.
٢- أتذكر حين حضرت جلسة لعمداء كليات الطب فى عام ٢٠٠٦ ويومها عرض عميد طب الإسكندرية مشروعا بإنشاء قسم جديد للطب باللغة الفرنسية، وهو الوحيد فى جامعات الشرق الأوسط وذلك لتشجيع الطلاب المصريين الناطقين بالفرنسية وكذا طلاب الدول الفرانكوفونية من إفريقيا،
وقد تم الاعتراض وقتها على هذا المشروع ولكن تمت الموافقة عليه وتم تخريج ٦ دفعات منذ إنشائها، وقال السيد العميد إن ذلك يعزز من عمق العلاقات المصرية مع الدول الإفريقية وقال إن الشعبة الفرنسية ستكون جزءا من كلية الطب الدولية المقرر إنشاؤها!،
ويرجع سبب الاعتراض إلى أننا فى حاجة ماسة إلى أطباء للمرضى المصريين فى المقام الأول ونعانى من نقص خطير فى أعدادهم، وقد تبعت ذلك كلية طب عين شمس بتطبيق برنامج فرنسى بالتعاون مع أساتذة وأطباء من خريجى عين شمس والتعاون مع جامعة باريس ومن المقرر أن يبدأ البرنامج فى العام الدراسى ٢٠٢٤-٢٠٢٥ واتنمي للجميع التوفيق ولكنى أرى بفقه الأولويات أن التركيز حاليا ينبغى أن يكون على توفير الطبيب المتمكن لعلاج المواطن المصرى فلماذا نحاول الصعود إلى القمر ونحن نمر بصعوبات فى عبور الشارع؟!.
انني ككاتب ومفكر ومحاور أطالب بإعادة النظر فى سياسات التعليم الطبى فى مصر والذى يتخبط مع الأسف الشديد، وعلى السادة الأجلاء من أساتذة الطب أن يدلوا بدلوهم لإصلاح المنظومة فمصر تستحق.
٣- مهزلة جامعية حدثت فى كلية التجارة بجامعة الزقازيق وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى فى فيديو للاحتفال بتخريج دفعة من الطلاب ظهر فيها أحد الطلاب يتقدم لاستلام شهادة التخرج على أنغام شعبية وهو يتراقص بخلاعة أمام أساتذته الذين يبدو أن أحدهم كان سعيدا بهذه المهزلة..
أطالب السيد الوزير بالتحقيق فى هذا المشهد الجارح وغير اللائق بقدسية الجامعات وكرامة الأساتذة ومحاسبة المسؤولين عن الحفل، وكذا رئيس الجامعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثانيا.. قرارات وزارة البترول والثروة المعدنية
١- تخفيف الأحمال.. وهو يعنى على أرض الواقع انقطاع الكهرباء فى كل أنحاء مصر يوميا لمدة محددة، وهو ما أثار غضب واستياء المواطنين ناهيك عن تضرر مزارع الدجاج وصناعات كثيرة، ويرجع هذا التصرف إلى ارتفاع معدل درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعية مع زيادة استهلاك معدلات الغاز فى مصر،
كما أن هناك اضطرابا فى توريد كميات غاز كانت تأتى مصر من الخارج بنسبة ٨٠٠ مليون قدم مكعب يوميا، بالإضافة إلى انخفاض معدلات توليد الطاقة من المصادر المتجددة وتأثيره على قطع الكهرباء.
وقد تمنيت أن يفتح الملف علانية أمام الشعب لمعالجة الأخطاء ومحاسبة المقصرين فى هذا المجال وما نتج عنها من نقص شديد فى إنتاج البترول أدى إلى معاناة شديدة فى إنتاج الكهرباء واتخاذ قرار بوقف صادرات الغاز الطبيعى اعتبارا من مايو ٢٠٢٤،
كما شهد حقل ظهر مراحل تطوير سريعة يعتقد أنها كانت سببا فى انخفاض إنتاجه تدريجيا من بعد عام ٢٠٢٢ عندما ارتفع سقف الإنتاج البالغ ٢.٧ مليار قدم مكعب يوميا إلى ٣.٢ مليار!،
بالإضافة إلى أن أحد الخبراء قال إن إحدى الآبار بالحقل تعرضت لتشققات أدت إلى تسرب مياه البحر داخلها، وتبعه التوقف عن الإنتاج..
وبغض النظر عن الأسباب فقد كنا نتفاءل بتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى المسال فى ٢٠١٨ مع ظهور هذا الحقل الضخم.. إننى أطالب بسرعة إصلاح أى أوضاع معوجة فى هذا القطاع الهام ومحاسبة المسؤولين لعدم تكرار ما حدث.
٢- رفع الدعم عن الوقود والمواد البترولية
صرح المتحدث باسم مجلس الوزراء بأن الدولة وضعت خطة لرفع هذا الدعم تدريجيا على مدى سنة ونصف، أى بنهاية ٢٠٢٥، وأن السولار سيكون خارج خطة إلغاء الدعم النهائى،
ومن ناحية أخرى تحدث الخبير البترولى المعروف صلاح حافظ مع الصحفى القدير الأستاذ حمدى رزق واضعا اقتراحات واقعية على أرضية معرفية وتشمل وقف إتاحة المنتجات البترولية لأى جهة فى الدولة (على النوتة) كما وصفها الأستاذ حمدى، وكذا تخصيص محطات وقود توفر وقودا مدعما للمواصلات العامة للحفاظ على ثبات نسبى لتعريفة الركوب..
أما القادر فيدفع الفاتورة غير منقوصة مع الوضع فى الاعتبار أن السيارات ذات الفئات العالية لا تخضع لمبدأ الدعم مثلها مثل السيارات ذات الفئات المتوسطة تحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية.
ويبقى أخيرا أن نؤكد على أننا فى أمس الحاجة إلى التحاور والتشاور قبل اتخاذ أى قرار يمس حياة المواطن، ونحن نملك بحمد الله الكثير من الكفاءات فى كل المجالات للتوافق على إصدار القرار الصحيح، كما أن علينا أن نضع هموم المواطن المصرى فى بؤرة اهتمامنا.
حفظ الله مصر – حفظ الله الوطن – حفظ الله الجيش