بقلم حسن النجار.. طبول الحرب تدق وبعض دول المنطقة تقف اليوم عاجزة ومعها دول العالم 

الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم عضو المكتب الفني للشؤون السياسية

0

بقلم | حسن النجار  

بعد عام من «طوفان الأقصى» تجد دول المنطقة نفسها أمام «بداية مصير» قد ينتهي بها إلى فوضى عارمة على مستوى «الدولة الوطنية» في السنوات القليلة المقبلة، وذلك حين تضع الحرب الجوارية والإقليمية مع إسرائيل أوزارها، 

وبتكلفة باهظة ماديًّا وبشريًّا، نظرًا لسوء تقدير الأحداث في الوقت الرّاهن.  

ويأتي المتوقع بما يحمله من مساءلة اجتماعية وقومية وتاريخية وحضارية ـ في سياق ما نراه اليوم من تغير في أدوار دول المنطقة.  

تلك الدول لم تعدْ قادرة على الوصول مع إسرائيل إلى حل بخصوص القضية الفلسطينية، ليس فقط لأن أساليب المواجهة لديها تغيرات،  

وأخذت أشكالًا جديدة في سياق التغير الحاصل في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وإنما لأن لكل منها أسبابها وظروفها، ورؤيتها الخاصة الغارقة في تعميق الدولة الوطنية على حساب البعد القومي.  

ومع ذلك، فإنه لا يمكن نفْي المحاولات التي بذلتها تلك الدول في السّابق ـ ولا تزال ـ بالشراكة مع أطراف دولية عديدة، انطلاقا من مصلحتها الخاصة، للإسهام في حل للمأساة الفلسطينية، وما دعوتها ومطالبتها بحل الدولتين إلا دليلا على ذلك.  

ومهما تكن مواقف تلك الدول من التغيرات الحاصلة في المنطقة، واتخاذ بعضها النأي بالنفس منهجا وسبيلًا،  

فإنها ستتحمل بعضا من أعباء الحرب الدائرة بين المقاومة وإسرائيل على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، ما يعني أنها ستعاني مستقبلًا من تبعات حرب الإبادة مثلما تعاني منها اليوم لدرجة أن مهددة في تركيباتها السكانية،  

وفي استقرارها، والأكثر من ذلك في وجود البناء الكلي للدولة نفسها، إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية أن دولة إسرائيل تسعى لتعميم الخطر الوجودي في المنطقة كلها، بحيث لا يظل خاصّاً بها.  

من ناحية أخرى، فإن بعض الدول تقف اليوم عاجزة، ومعها دول العالم، بما فيها القوى الكبرى والفاعلة، أمام ظهور جماعات تقرر مصير المنطقة ـ سلبا أو إيجابا ـ بقوة السلاح،  

على خلفية مقاومة العدو الإسرائيلي، غير عابئة بما ستتحمله تلك الدول من تبعات وأعباء، والمدهش في الأمر أن هناك قوى من إحدى تلك الدول، حزب الله في لبنان مثلاً،  

كما أن هناك تنظيمات أخرى وميلشيات متعددة من دول عربية أخرى، من ذلك تنظيمات عسكرية تقدم نفسها باعتبارها جماعات إسناد للمقاومة في غزة، والتي تتحرك من خارج فضاء دول الطوق، كما هو الأمر بالنسبة لليمن والعراق.  

الحال تلك تُظهر صناعة فعل جديد على المستوى العسكري، أُدْخلت من خلال جماعات المقاومة، أطرافاً أخرى غير عربية إلى دائرة الصراع، والمقصود هنا إيران، فبعد رد فعها على إسرائيل،  

وخاصة هجومها الأخير، أصبح حضورها مباشراً في ساحة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ولم تعد طرفا داعما لتنظيمات المقاومة فقط، وهي لا تختلف في ذلك عن الوجود الأمريكي الداعم لإسرائيل على الأرض وبشكل مباشر.  

في المحصلة، هناك تراجع في أدوار بعض الدول، ومنها من تجد نفسها اليوم مضطرة للتعامل مع جماعات المقاومة، كون أن هذه الأخيرة تُسْهم في حماية الدولة نفسها،  

ولا يبدو أن هذا سيتغير في المستقبل المنظور ليس فقط لوجود عوامل داخلية، وإنما لأسباب خارجية أيضا، ومنها على وجه الخصوص: إضعاف بعض الدول أمام إسرائيل، وتحويل البعض الآخر إلى دول فاشلة يسهل التحكم في قرارها، وإدخالها في صراع دائم مع القوى الفاعلية محليّاً. 

اترك تعليق