بقلم حسن النجار.. التوقعات تشير باننا على أعتاب نظام عالمي جديد في عام 2025  

الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم عضو المكتب الفني للشؤون السياسية

0

 بقلم | حسن النجار  

أن هذا العام سيكون بمثابة نقطة تحول نحو شكل جديد من النظام الدولي نعيش مرحلة مفصلية مع وداع عام 2024 واستقبال عام 2025 مرحلة حامل بالتحولات الجيوسياسية التي قد تشهد نهاية النظام العالمي الحالي الذي هيمن عليه الغرب لعقود طويلة.   

مع تصاعد التحديات العالمية والنزاعات الإقليمية، يمكن توقع أن هذا العام سيكون بمثابة نقطة تحول نحو شكل جديد من النظام الدولي.   

من خلال تحليل التحولات الرئيسية على الساحة الدولية، يمكننا محاولة فهم ملامح النظام الجديد الذي قد ينشأ في المستقبل القريب.  

عادت مرة أخرى الساحة الدولية إلى الصراع بين الغرب مقابل الشرق، فمنذ نهاية الحرب الباردة، هيمن النظام الأحادي القطبية الذي يقوده الغرب على السياسة العالمية.   

لكن في السنوات الأخيرة، ظهرت مجموعة من التحولات التي تشير إلى تآكل الهيمنة الغربية، تشهد العلاقات بين القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، توترًا متزايدًا، خاصة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية.   

في هذا السياق، تعد الصين لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل النظام العالمي، حيث تسعى لتعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية على الساحة الدولية، مما يهدد الهيمنة الغربية التي استمرت لعقود.  

كما صاحب تصاعد النزاعات الإقليمية ظهور قوى إقليمية مؤثرة بدأت تسعى إلى تعزيز نفوذها في مناطق محددة.   

من أبرز الأمثلة على ذلك روسيا في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، وتركيا في البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، والهند في جنوب آسيا.   

هذه القوى تسعى لخلق توازنات جديدة لا تخضع فقط للإملاءات الغربية، هذه التوجهات تخلق تعقيدات جديدة في العلاقات الدولية، حيث تتنقل الدول بين تحالفات متغيرة وتتنافس على دور ريادي في النظام العالمي الجديد.  

في الوقت نفسه يستمر الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط وتستمر المنطقة ساحة تنافس رئيسية بين القوى الكبرى.  

المؤشرات تظهر أنّ هناك إعادة ترتيب للتحالفات في المنطقة، حيث تتجه بعض الدول إلى التقارب مع دول إقليمية، بينما تحافظ دول أخرى على تحالفاتها التقليدية مع الولايات المتحدة.   

هذا التحول قد يكون له تأثير كبير على سياسات الطاقة العالمية، حيث يعد الشرق الأوسط أحد أكبر منتجي النفط في العالم.   

كذلك، فإنّ صعود الصين في المنطقة يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي ويضعف من نفوذ الغرب. بجانب ذلك تعد القضايا البيئية من أبرز العوامل التي تؤثر على السياسة الدولية.  

التغير المناخي والتحولات البيئية ليست مجرد قضايا محلية، بل أصبحت قضايا عالمية تؤثر على الأمن والاستقرار الدولي.  الدول التي تواجه أزمات بيئية ستكون أكثر عرضة للضغوط الداخلية، ما قد يؤثر على استراتيجياتها الخارجية.  

وفي ظل هذه التحولات، تزداد الحاجة إلى التعاون الدولي لمواجهة التحديات البيئية، ولكن التوترات الجيوسياسية قد تعرقل هذه الجهود. 

وفي ظل تقدم التكنولوجيا، أصبح العالم أكثر ارتباطًا من أي وقت مضى، وهو ما يعني أنّ النزاعات لم تعد تقتصر على الساحة الميدانية بل توسعت لتشمل الفضاء الرقمي.   

الحروب السيبرانية أصبحت أحد الأدوات الرئيسة في الصراع بين الدول، تزداد الهجمات الإلكترونية بين القوى الكبرى، ما يعزز من انعدام الثقة بين الدول ويزيد من تهديدات الأمن العالمي.  

يرى العالم أنّ العلاقات الأمريكية الصينية صارت عبارة عن حرب باردة جديدة فهذه العلاقات بين البلدين أحد أكبر التحديات الجيوسياسية في العصر الحالي.   

التصعيد في العلاقات بين القوتين العظميين قد يؤدي إلى نشوء نوع جديد من «الحرب الباردة»، بيد أن هذه الحرب لن تكون بالضرورة قائمة على المواجهات العسكرية، بل على المنافسة الاقتصادية، الحرب السيبرانية، والعقوبات السياسية.  

الصين تتقدم بثبات في توسيع نطاق نفوذها، سواء من خلال مبادرة الحزام والطريق أو من خلال الاستثمار في قطاعات تكنولوجية متطورة، ما يجعل من العلاقة بينهما محط أنظار العالم بأسره.  

تهدف الصين وروسيا إلى التعددية القطبية لتكون بداية لتوازنات جديدة فعلى الرغم من هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي لعقود، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت صعودا لقوى أخرى مثل الصين وروسيا والهند.   

هذا التعدد القطبي سيؤدي إلى توازنات جديدة في العلاقات الدولية، حيث يتعين على الدول الكبرى العمل على بناء تحالفات استراتيجية مرنة تراعي مصالح الجميع.   

وقد تظهر هذه التعددية في شكل أنظمة تعاون متعددة الأطراف بديلة عن الهيئات الغربية التقليدية، مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي.  

تشكل أزمة اللاجئين والهجرة أحد القضايا العالمية التي تزداد تعقيدًا، النزاعات والحروب في مناطق مثل أفريقيا والشرق الأوسط تزيد من أعداد المهاجرين واللاجئين، مما يضغط على دول الاستقبال في أوروبا وأمريكا الشمالية.   

هذا التحدي يتطلب استراتيجيات جديدة للحد من تدفق المهاجرين وتحسين ظروف الحياة في البلدان الأصلية. وبالمثل، فإن هذه الأزمة تؤثر على السياسة الداخلية للدول، حيث يزداد الضغط على الحكومات لإيجاد حلول فعالة.  

وفي سياق التحولات الجيوسياسية، نلاحظ تغييرات في التحالفات العسكرية العالمية، على سبيل المثال، تسعى بعض الدول الأوروبية لتوسيع تعاونها العسكري مع دول آسيا،  

في حين أن بعض القوى الإقليمية مثل إيران وروسيا تقوم بتقوية روابطها العسكرية مع دول كانت بعيدة عن التعاون معها، وهو ما يعكس تحولًا كبيرًا في السياسة الأمنية الدولية.  

هذه التغيرات قد تسهم في ظهور تحالفات غير تقليدية قد تعيد تشكيل النظام الأمني الدولي. 

لا تقتصر التحولات على الجانب السياسي فقط، بل تمتد إلى المجال الاقتصادي، النظام الاقتصادي العالمي الذي يعتمد بشكل كبير على العولمة، قد يشهد تغييرات ملحوظة في ظل تصاعد القومية الاقتصادية.   

تأثيرات الحرب التجارية بين القوى الكبرى، وزيادة تقلبات الأسواق المالية، وتطور أسواق العملات الرقمية قد تساهم في رسم ملامح النظام الاقتصادي الجديد.   

مع تنامي قوة الاقتصاديات الناشئة، سيصبح من الضروري للغرب إعادة التفكير في استراتيجياته الاقتصادية لاحتواء هذه القوى الصاعدة.  

إنّ التغيرات الجيوسياسية المتوقعة تشير إلى أننا قد نكون على أعتاب نظام عالمي جديد.   

التعددية القطبية، صعود قوى جديدة، وتصاعد التوترات في مختلف أنحاء العالم قد تؤدي إلى إعادة رسم ملامح السياسة الدولية.   

ولكن يبقى السؤال: هل ستتمكن القوى الكبرى من إيجاد نظام عالمي مستقر يراعي مصالح الجميع، أم أنّ العالم سيظل غارقًا في نزاعات متواصلة تتسبب في تقسيمات أعمق؟  

في كل الأحوال، المستقبل القريب سيحمل الكثير من التحديات والفرص التي ستحدد مسار النظام العالمي في العقود القادمة. 

اترك تعليق