بعد التنصب: ترامب يفرض على السعودية زيادة استثماراتها في الولايات المتحدة بمقدار 600 مليار دولار خلال الأربع سنوات المقبلة
كتب | محمد حجازى
مع دخول دونالد ترامب البيت الأبيض لعهدة ثانية، عاد ملف العلاقات الأميركية السعودية إلى الواجهة، خصوصًا ما يتعلق باستثمارات المملكة في الولايات المتحدة وتداعياتها السياسية ثنائيا وإقليميا وتحديدا ما يخص التطبيع بين الرياض وإسرائيل.
الشراكة التجارية بين البلدين أسفرت عن تعاون مالي ضخم خلال السنوات القليلة الماضية، حيث يدير صندوق الاستثمارات السعودي أصولًا في الولايات المتحدة تصل إلى تريليون دولار.
كما أعلن ولي العهد محمد بن سلمان عن رغبة السعودية في زيادة استثماراتها في الولايات المتحدة بمقدار 600 مليار دولار خلال الأربع سنوات المقبلة، تمهيدًا لاحتمال قرار الرئيس ترامب بالتوجه إلى الرياض في أول زيارة خارجية.
يقول بيتر بروكس، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، في حديث خاص لـ” جريدة الوطن اليوم “، إن الاستثمار السعودي الجديد يتضمن زيارات متبادلة بين الجانبين، بالإضافة إلى قضايا أمنية وتجارية.
وأوضح بروكس أن الولايات المتحدة ترحب بالاستثمار السعودي، مشيرًا إلى أن الرئيس ترامب، كونه رجل أعمال، يولي اهتمامًا بالغًا بالاقتصاد.
وأشار إلى أن السعوديين لديهم دوافعهم الخاصة لدفع هذا المبلغ، حيث يسعون لتحقيق “حظوة” لدى الرئيس الأميركي الجديد.
وأضاف أن مبلغ 600 مليار دولار هو مبلغ كبير، وسيتم تحديد طريقة استثماره بناءً على الظروف السائدة بين البلدين.
وأفاد أن هناك مصالح مشتركة بين واشنطن والرياض في عدد من القضايا مثل الطاقة وسوق النفط، بالإضافة إلى الأمن الإقليمي ومستقبل إيران في المنطقة، سواء كانت ستتحول إلى دولة نووية أم لا، فضلاً عن قضايا أخرى تهم الجانبين، مثل الوضع في اليمن وغزة.
وأكد نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق أن الأمن الإقليمي وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب هما من الملفات الهامة بالنسبة للبلدين.
وفيما يتعلق بالمطالب السعودية، أوضح بروكس أنها تشمل عدم إشراف الكونغرس على مبيعات الأسلحة، والحصول على الضوء الأخضر بشأن برنامجها النووي، إلى جانب مطالب أخرى تم تقديمها للإدارة السابقة ويتم بحثها حاليًا من قبل إدارة الرئيس ترامب.
طارق آل شيخان الشمري، رئيس مجلس العلاقات العربية الدولية، من الرياض، قلل من جهته للحرة إن مبلغ 600 مليار دولار ليس مجرد ثمن مقابل “زيارة ترامب إلى السعودية”، بل هو استثمار استراتيجي في الشراكة الأمنية والسياسية بين الجانبين.
وأضاف الشمري أن المملكة العربية السعودية لديها رؤية واضحة تهدف إلى تنفيذها من خلال الاستفادة من مواردها الطبيعية، والسعي للانضمام إلى أكبر 10 اقتصادات في العالم، وربما التقدم لتكون ضمن قائمة أكبر 5 اقتصادات عالمية.
وأشار إلى أنه لا يمكن استبعاد زيادة قيمة الاستثمارات السعودية في المستقبل، ولكن ذلك مرهون بتوافر ضمانات تتطلب استقرارًا سياسيًا وأمنيًا.
وأوضح الشمري أن السعودية، من جانبها، تطلب ضمانات مقابل دفع هذه المبالغ، وهذه الضمانات تتمثل في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، على أن يتبع ذلك التطبيع مع إسرائيل في مرحلة لاحقة.
وأكد رئيس مجلس العلاقات العربية الدولية أن المبلغ المخصص لا تقتصر فائدته على السعودية فقط، بل تشمل دول المنطقة بأسرها. وأضاف أن السعوديين أكدوا مرارًا أنهم لا يستطيعون العمل بمفردهم، وشددوا على ضرورة أن تنعم منطقة الشرق الأوسط بالأمن والاستثمار.
وفي معرض حديثه عن ركائز الاستقرار والسلام في المنطقة، أوضح الشمري أن تلك الركائز بدأت تتشكل بعد القضاء على أذرع إيران في المنطقة. وأشار إلى أن هذه الركائز ستتعزز في المستقبل القريب مع تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
بحسب بيانات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، زاد االستثمارات في سندات الحكومة الأميركية منذ نوفمبر العام الماضي، وهو تاريخ انتخاب ترامب، لتصل إلى 144 مليار دولار.
البيانات تشير أيضا إلى أن حصة سندات الخزانة الأميركية من إجمالي الأصول الأجنبية التي يحتفظ بها البنك المركزي السعودي باتت تناهز حوالي 35 في المئة.
وبعيدا عن الاستثمار المباشر مع الحكومة الأميركية، زاد الصندوق السعودي ملكيته في أسهم الشركات الخاصة إلى حدود 27 مليار دولار في الربع الثالث من العام الماضي بارتفاع 6 مليارات عن الربع الثاني من العام ذاته.
ويشير الصندوق إلى توجه جديد لديه في الاستثمار بشركات الذكاء الاصطناعي كـ “أوراكل” و”أوبن إيه أي” و”سوفت بنك” بشكل يتناسق مع إعلان ترامب عن مشروع أميركي تحت اسم “ستار غيت” يخطط لاستثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في السنوات الأربع المقبلة.