بقلم حسن النجار: زيارة الرئيس الفرنسي تجري وسط أجواء سياسية وأمنية متوترة.. الرئيس عبد الفتاح السيسي يحرص على اصطحاب الرئيس ماكرون الى زيارة أماكن تتعلق بالحضارة المصرية القديمة وبالتاريخ الإسلامي
المفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم

كتب | حسن النجار
دائما ما يفصح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أمام وسائل اعلام عالمية عن مدع عشقه لمصر وللحضارة المصرية وعن مدى الارتباط التاريخي الخاص بين حضارة الدولتين وبين الشعبين المصري والفرنسي الممتدة عبر جسور التاريخ والثقافة والعلوم الإنسانية.
وفي احدى المرات تباهى ماكرون بهذا العشق للحضارة والثقافة المصرية وهو ما يتباهى به أيضا الكثيرون حول العالم، فالعديد من دول العالم ترتبط بخيط تاريخي بالحضارة المصرية القديمة وابهارها وبريقها وبعلم المصريات
وبالأمس وعلى الرغم من أن طبيعة الزيارة الحالية للرئيس الفرنسي الى مصر تجري وسط أجواء سياسية وأمنية متوترة على وقع معاودة الحرب الإسرائيلية التدميرية على قطاع غزة والضفة الغربية وتوسع الاعتداءات لتشمل سوريا ولبنان،
الا أن حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على اصطحاب الرئيس ماكرون الى زيارة أماكن تتعلق بالحضارة المصرية القديمة وبالتاريخ الإسلامي كانت له رسائل ودلالات غاية في الأهمية للخارج والداخل.
فإصباغ الزيارة بالمسحة التاريخية والثقافية كان بمثابة لافتة في منتهى الذكاء واختيار الأماكن للزيارة وفي أقل 5 ساعات في يوم واحد، يعني الخصوصية الشديدة للعلاقات بين البلدين التي ارتكزت على أعمدة الثقافة وجسورها مع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر واختلاط الثقافتين المصرية والفرنسية والتأثير الواضح للحضارة المصرية في الثقافة الفرنسية وتأثر المثقفين المصريين بكبار المفكرين والمبدعين والفلاسفة الفرنسيين.
زيارة ماكرون برفقة الرئيس السيسي المتحف الكبير ومنطقتي الحسين وخان الخليلي والمعز ومقهى ومطعم نجيب محفوظ في قلب القاهرة، تحمل في معناها رسائل بالغة الأهمية عن أن مصر رغم ما يدور حولها تبقى بلد السلام والمحبة والأمن والأمان،
وقادرة على استضافة كبار زعماء العالم في أجواء مستقرة وآمنة، فمنطقة الحسين وخان الخليلي من أقدم أحياء القاهرة التاريخية وأكثرها ازدحاما وتجسد النموذج الخالص للهوية المصرية الأصيلة بتاريخها وفنها وتراثها ،
المعبرة عن عبقرية الموقع في حي الحسين المكان الذي يضم مساجد وأضرحة وكنائس قريبة، ويعكس نموذجًا للتمازج الديني والحضاري. والدعوة الى ضرورة الحوار الثقافي والتسامح الديني وهي رسالة مهمة في ظل التوترات الإقليمية والدولية الحالية.
كل ذلك يجعل من الزيارة ذات طابع استثنائي ورسالة موجهة للعالم بأن مصر بلد الأمن، والانفتاح الثقافي، والتسامح، والجاذبية السياحية. هنا تبدو أهمية الضيف أيضا فهذا النوع من الزيارات يخصص فقط لقادة استثنائيين تربطهم بمصر علاقات خاصة وتربط بلادهم بعلاقات إنسانية وثقافية
كما أن اختيار خان الخليلي لماكرون هو رسالة سياسية أيضا بأن فرنسا شريك مميز، وأن العلاقة تتجاوز البروتوكولات الرسمية إلى بعد إنساني وشعبي
مشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي وهما يتجولان في حي الحسين والمعز وخان الخليلي العريق كان مشهدًا رمزيًا يحمل في طياته الكثير من المعاني والدلالات، ويعكس اهتمام القيادة السياسية بإبراز الوجه الحضاري والثقافي لمصر.
علاوة على البعد السياحي للزيارة، فصور الزيارة تداولتها وكالات الأنباء العالمية والمواقع الالكترونية وأظهرت التكاتف والالتفاف والترحيب من الشعب المصري بقائده وبضيفه، فوجود الرئيس في الحي الذي عاش فيه وسط الأف البشر وفي هذا التوقيت يؤكد للعالم حالة الاصطفاف الوطني للمصريين حول رئيسهم.
حالة الابهار من المكان وحفاوة الاستقبال جعلت الرئيس ماكرون يوجه “تحية نابضة للصداقة التي تجمع بين مصر وفرنسا” ، “هذه الحماسة، وهذه الأعلام، وهذه الطاقة التي تليق بخان الخليلي: “
لم تكن مجرد زيارة دبلوماسية
السيسي وماكرون في حضرة الحسين… حيث الروح تتكلم.
ليست كل الزيارات متشابهة…فهناك زياراتٌ رسمية،
وهناك زياراتٌ تدخل القلب دون استئذان.
حين رافق الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حي الحسين،
لم يكن الأمر مجرد جولة دبلوماسية، بل زيارة للحاضر والمستقبل عبر بوابات التاريخ والحضارة المصرية. وفي حضرة ” سيدنا الحسين ” حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش