بقلم: حسن النجار “ترامب ونزعة الإذلال السياسي: رؤساء في فخ البيت الأبيض” 

المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والباحث في الشؤون الساسية الدولية

0 65٬107

بقلم: حسن النجار  

في مشهد لا يليق بقيم الدبلوماسية أو الأعراف السياسية، تحوّل البيت الأبيض في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى ما يشبه “فخًا سياسيًا” يُنصب لضيوفه من رؤساء الدول، في محاولة مكشوفة لكسر هيبتهم أو إحراجهم أمام شعوبهم والعالم.

آخر هذه المشاهد المخزية حدث خلال لقاء جمع ترامب برئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، والذي تعمّد ترامب أن يكون صادمًا وفجًّا، حين استقبله داخل الجناح الغربي للبيت الأبيض،

ليجد الرئيس الإفريقي نفسه أمام شاشتين كبيرتين أُعدّتا مسبقًا لعرض فيديو مزيّف يروّج لأكذوبة اضطهاد البيض في جنوب إفريقيا.

ما فعله رامافوزا يُحسب له، حين قابل هذا “الكمين” بابتسامة ساخرة ورد ساخر أكثر دهاءً، عندما طلب منه ترامب طائرة كهدية، فردّ قائلاً: “ليس لديّ طائرة لأعطيك إياها”،

ليجيب ترامب باستخفاف: “لو أعطيتني واحدة، سأقبلها”. هكذا تحوّل اللقاء إلى لحظة اختبار حقيقية للرؤساء المنتخبين الذين يحملون كرامة شعوبهم فوق أكتافهم.

ليست هذه المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، فقد تكرر المشهد مع قادة آخرين، مثل الرئيس الأوكراني زيلينسكي،

الذي عاد مكسورًا من واشنطن، ومع آخرين حاولوا استرضاء ترامب بصفقات سياسية ومواقف خادعة، كحال بعض الأنظمة في الشرق الأوسط، ممن تنازلوا طوعًا عن قضايا وطنية كالجولان مقابل رضا زائف.

المؤسف أن ترامب نفسه يدرك جيدًا من يقف أمامه. يعرف جيدًا الفرق بين رئيس منتخب جاء بإرادة شعبه، ورئيس جاء بالباراشوت السياسي. يعرف من يتكلم بإرادة شعبه، ومن يتحدث تحت ضغط أو تعليمات.

ما يحدث في البيت الأبيض – من نصب للفخاخ السياسية ومحاولات استعراض القوة – هو سلوك بعيد كل البعد عن الروح الأميركية التي عُرفت باحترام القادة والضيوف.

وما يفعله ترامب هو إهانة للدولة التي يمثلها قبل أن يكون إهانة لضيوفه، وهو أمر “مثير للاشمئزاز”، كما وصفته وسائل إعلام أميركية رصدت هذا السلوك غير المسبوق.

يبقى الأمل في قادة مثل رامافوزا، لا تهزّهم الشاشات، ولا تخدعهم الأضواء، يعرفون جيدًا متى يبتسمون، ومتى يردّون، ومتى يصنعون من الفخ منصة لكرامتهم!

  • حسن النجار رئيس التحرير والكاتب في الشؤون السياسية الدولية. 
اترك تعليق