بقلم حسن النجار: صرخة الطفل البريء “ياسين” تهز ضمير الوطن
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون الساسية
بقلم | حسن النجار
خلال الأيام القليلة الماضية، عايشنا نحن المصريين سلسلة من الجرائم المجتمعية المفجعة، التي لم تكتفِ بهز الضمير الجمعي، بل أيقظت فينا مخاوف دفينة على حاضر أطفالنا ومستقبلهم.
جرائم تحرش واعتداءات وقعت في أماكن من المفترض أن تكون آمنة، وتحت رعاية من يُفترض أنهم أهل للثقة.
أبرز تلك الوقائع ما تعرض له الطفل البريء “ياسين”، ابن محافظة البحيرة، داخل مدرسة خاصة اختارها والداه أملاً في مستقبلٍ تعليمي أفضل له، فإذا بالأمان ينقلب إلى كابوس،
والطموحات تنهار أمام جريمة مروعة ارتكبها مجرم منزوع الإنسانية، انتهك براءة الطفل على نحو متكرر، في غياب الرقابة، وانعدام الضمير.
واقعة ياسين لم تكن مجرد اعتداء، بل جريمة مركبة دمرت أسرة بأكملها، وزرعت في قلب الصغير الرعب والخوف والانهيار النفسي، حيث كان ضحية للتهديد والإذلال، وواجه صعوبات في النوم، والتعامل اليومي،
وحتى في ممارسة أبسط احتياجاته. ورغم كل هذا، وجدت الأسرة صعوبة في نيل حق ابنها أمام جهات التحقيق، تحت ذريعة “عدم كفاية الأدلة”، حتى تحوّلت القضية إلى رأي عام يطالب بتحقيق العدالة.
تلك الجريمة تفتح الباب أمام أسئلة قاسية: كيف نحمي أبناءنا في المدارس، والأندية، والمولات؟ وكيف نطمئن إلى من نأتمنهم على أطفالنا، إذا تحوّل الحامي إلى جاني؟
وفي مشهد آخر لا يقل قسوة، كانت الطفلة “مريم” ذات العشر سنوات من شبين القناطر ضحية لغفير أمن فقد شرف مهنته وتحول إلى ذئب بشري، اعتدى على براءتها في واقعة مروعة.
صحيح أن هذه الجرائم فردية، لكن آثارها تتسع لتدق ناقوس الخطر بشأن عدد من القضايا الملحة، أهمها المحتوى الأخلاقي المنفلت المنتشر على منصات التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية،
الذي يغذي العنف والانحراف. الدولة قادرة على التصدي لهذا الانفلات الإعلامي، وهناك تجارب دولية ناجحة في “فلترة” المحتوى الهابط.
كذلك يجب أن تصبح كاميرات المراقبة إلزامية في جميع المدارس، ومراكز الشباب، والتجمعات، فهي رادع لكل من تسول له نفسه الإقدام على الجريمة.
كما أن علماء النفس والاجتماع يجب أن يكون لهم دور فاعل في تقديم رؤى واضحة لتربية الأبناء على القيم والمصارحة ومواجهة المشكلات.
علينا أن نستدعي المنهج التربوي الذي نجح فيه آباؤنا وأمهاتنا وجداتنا، في صناعة أجيال سوية، نزيهة، وواعية. إن مأساة “ياسين” يجب أن تكون جرس إنذار يعيد ترتيب الأولويات، ويطلق حوارًا مجتمعيًا جادًا لإعادة بناء المنظومة القيمية من جديد.
حفظ الله أبناءنا من كل شر.