بقلم: حسن النجار .. غزة تحت النار.. ونتنياهو يراهن على التصعيد في الداخل والخارج
المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسي
بقلم: حسن النجار
في الوقت الذي لا تزال فيه آلة الحرب الإسرائيلية تواصل عدوانها العنيف على قطاع غزة، تتزايد المؤشرات على نية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توسيع رقعة المعركة،
متجاهلًا القانون الدولي وكل الأعراف الإنسانية. فخطة الحرب الصهيونية تسير وفق أجندة أحادية، لا تُلقي بالاً للمواقف الدولية ولا لمعاناة المدنيين، بل تُصعِّد الصراع ضمن سياسة “التهجير والتجريف” لإعادة رسم خريطة غزة بالقوة.
ورغم أن إسرائيل لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة حتى الآن، سواء بتصفية حركة “حماس” أو إجبارها على التخلي عن سلاحها، فإن نتنياهو لا يزال متمسكًا بشروطه غير القابلة للتحقق في المدى المنظور، ما يدفعه إلى خيار توسيع الحرب وفرض واقع ميداني جديد.
نموذج “رفح” قابل للتكرار
كل التطورات الميدانية تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يستعد لاحتلال أجزاء من القطاع والبقاء فيها لأجل غير مسمى، خاصة في شمال ووسط غزة، مع تنفيذ خطة تهجير قسري تحت غطاء “عمليات عسكرية مركّزة”.
والمثير للقلق أن نموذج رفح، الذي شهد أعنف موجات القصف والتهجير، بات يُعرض الآن كنموذج قابل للتعميم على باقي مناطق القطاع.
ووفقًا لمصادر عسكرية، فإن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير قدّم خطة لتوسيع العمليات العسكرية إلى رئيس الحكومة، تشمل استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، ما يشير إلى نوايا حرب طويلة الأمد رغم تصاعد المعارضة الداخلية والاتهامات المتزايدة لحكومة نتنياهو بالتخلي عن الجنود والمواطنين الأسرى من أجل مصالح سياسية ضيقة.
البحر الأحمر يشتعل
وفي موازاة هذا التصعيد، يتواصل التوتر في جبهة البحر الأحمر، حيث تستمر جماعة الحوثيين في إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه العمق الإسرائيلي.
وكان أحدثها صاروخ استهدف مطار بن غوريون في تل أبيب، وأدى إلى إصابات ووقف أغلب الرحلات الجوية، ما يؤكد أن الحرب لم تعد محصورة في غزة فقط، بل امتدت لتشعل الإقليم بأكمله.
لا استقرار بدون وقف حرب غزة
ما يجري في غزة اليوم، لم يعد شأنًا فلسطينيًا داخليًا، بل تحوّل إلى مفتاح استقرار المنطقة بأسرها. فالهدوء في البحر الأحمر، وتراجع تهديدات الحوثيين، وتجنب مواجهة إقليمية واسعة،
كلها ترتبط بشكل مباشر بوقف الحرب على غزة، وإعادة إطلاق مسار التسوية السياسية.
وكلما طال أمد الحرب، زادت احتمالية توسّع جبهة المواجهة، ليس فقط مع المقاومة الفلسطينية، بل أيضًا مع قوى إقليمية قد تجد نفسها منخرطة في رد فعل على العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وإذا استمرت إسرائيل في تنفيذ خططها التوسعية، فإن فرص التوصل إلى هدنة أو وقف إطلاق نار ستتلاشى تدريجيًا، ما يُنذر بمزيد من التصعيد والمعاناة لكل شعوب المنطقة.