هدنة غزة على المحك: انقسام المواقف يحاصر فرص التهدئة
الشؤون السياسية الدولية – كتبت | عزة كمال
فيما لا تزال غزة تنزف تحت وطأة القصف الإسرائيلي المكثف، تسابق الدبلوماسية العالمية الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر محاولة تثبيت هدنة إنسانية، لكن تباعد المواقف بين الأطراف المعنية يهدد بانهيار فرص التوصل إلى اتفاق قريب.
مبادرة أميركية.. طموح كبير وواقع معقد
طرحت الإدارة الأميركية، عبر مبعوثها الخاص ستيف ويتكوف، مبادرة لوقف إطلاق النار لمدة 70 يوماً، تتضمن الإفراج المرحلي عن 10 محتجزين إسرائيليين، وانسحاب جزئي للجيش الإسرائيلي من القطاع، وإدخال مساعدات إنسانية، مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين.
ورغم الترحيب المشروط من حركة “حماس”، إلا أن الرد الإسرائيلي جاء متحفظاً، في مشهد يكشف عمق الهوة السياسية بين الطرفين.

حماس: مرونة مشروطة وتخوف من التلاعب
أكد إبراهيم المدهون، مدير مؤسسة “فيميد” الفلسطينية للإعلام، أن حماس أبدت مرونة تجاه المبادرة، لكنها اشترطت تعديلات تضمن تنفيذ الاتفاق بشكل كامل وعدم تكرار سيناريوهات فشل سابقة.
وأشار إلى أن حماس لا ترفض مبدأ التهدئة لكنها “تريد ضمانات حقيقية، خاصة فيما يتعلق بانسحاب الاحتلال وتدفق المساعدات، والتزام أميركي صارم لا يقبل التراجع”.
نتنياهو والمأزق السياسي
يرى المدهون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “يستثمر الحرب لتعزيز موقعه السياسي”، مشيراً إلى أنه يفضل استمرار العمليات العسكرية على الدخول في هدنة قد تعيده إلى ساحة المساءلة القضائية والسياسية داخلياً.
وجهة نظر أميركية معاكسة
في المقابل، اعتبر الدبلوماسي الأميركي السابق لينكولن بلومفيلد أن حماس تستخدم المبادرة كورقة تكتيكية لإعادة التموضع، وليست مستعدة لتسوية حقيقية، مؤكداً أن إسرائيل “لن تقبل بوقف لإطلاق النار يمنح الحركة فرصة لإعادة بناء قوتها”.
انقسامات داخلية وعجز دولي
يشير مراقبون إلى أن الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية، وغياب مرجعية دولية موحدة، وافتقار الوساطة الأميركية للدعم الإقليمي، كلها عوامل تُضعف فرص نجاح أي مبادرة مطروحة حاليًا.
خيط رفيع بين التهدئة والانفجار
في ظل استمرار التصعيد الميداني، وغياب توافق سياسي شامل، تبقى المبادرة الأميركية حبراً على ورق. ورغم الزخم الدبلوماسي، فإن الحقيقة الميدانية تشير إلى أن الهدنة لا تزال معلقة بخيط رفيع بين الانفراج المؤجل والانفجار الوشيك.
الكرة في ملعب المجتمع الدولي
يبقى السؤال المطروح: هل تنجح الأطراف الدولية في تحويل مبادرة التهدئة إلى اتفاق صلب يُنهي معاناة المدنيين، أم أن المشهد يتجه إلى جولة جديدة من العنف؟
الإجابة مرهونة بتطورات الأيام القادمة، وبقدرة العالم على لعب دور الوسيط النزيه، لا الحكم المنحاز.