بقلم حسن النجار: كرسي بلا صلاحيات.. فلماذا الاقتتال؟! أين ذهب الدور الحقيقي للنائب؟ 

المفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم

0 48٬090

بقلم | حسن النجار  

مع اقتراب انتخابات مجلس النواب 2025، يشتد الصراع الانتخابي بين المرشحين المحتملين في مختلف المحافظات، في مشهد يبدو ظاهره تنافسًا ديمقراطيًا، لكن باطنه يكشف عن مفارقة كبيرة: الصراع على كرسي بلا صلاحيات خدمية!

فمنذ بداية المرحلة الجديدة من إدارة الدولة، تم سحب كل الصلاحيات الخدمية التي كان يمارسها أعضاء مجلس النواب، لتنتقل بشكل كامل إلى مبادرة “حياة كريمة” التي أصبحت الذراع الخدمية الشاملة للدولة، والمسؤولة بشكل مباشر عن تنفيذ مشروعات التنمية في مختلف أنحاء الجمهورية، وتحت إشراف الأجهزة التنفيذية والحكومة.

عضو البرلمان مشرّع.. لا خادم 

في السياق الدستوري الجديد، أصبح عضو مجلس النواب مشرّعًا ومراقبًا للسلطة التنفيذية، لا وسيطًا لتعيين أو توفير خدمات، ولا صاحب سلطة لتوظيف أو حل المشكلات الفردية. تلك المهام انتهت تمامًا. ومع ذلك، لا يزال بعض المرشحين يخوضون المعركة الانتخابية بعقلية الماضي، ووعود خدمية لم تعد من اختصاصهم، في ظل جهل أو تجاهل جماهيري بطبيعة الدور الحقيقي للنائب.

انتخابات تفرز غير الأصلح؟ 

الأزمة لا تكمن فقط في سوء الفهم الشعبي للدور النيابي، بل في آلية الاختيار نفسها. فغالبًا ما يعتمد الناخبون في تصويتهم على معايير “الانتماء القبلي”، أو “الحب والكره”، أو الوجاهة الاجتماعية، وليس على الكفاءة القانونية أو القدرة على التشريع والرقابة. وهذا ما يجعل المجلس لا يفرز دائمًا العناصر المؤهلة لأداء الدور المطلوب، خاصة في ظل التحديات التشريعية التي تحتاج إلى خبراء، مثقفين، قانونيين، واقتصاديين يمتلكون رؤى إصلاحية حقيقية.

من التشريع إلى المناسبات 

وعلى أرض الواقع، تحول كثير من النواب الحاليين إلى “ضيوف دائمين” في العزاءات، والتهاني، والمناسبات الاجتماعية، والبطولات الرياضية، بدلاً من مناقشة القوانين أو الرقابة على أداء الحكومة. وهنا يتبادر سؤال جوهري إلى الأذهان: لماذا كل هذا الاقتتال على مقعد لم يعد يملك سوى الدور الرمزي؟

رسالة إلى الناخب 

أصبح من الضروري أن يعيد المواطنون النظر في طبيعة الدور البرلماني، وأن يفرّقوا بين النائب الخدمي (الذي انتهى دوره)، والنائب التشريعي (الذي يجب أن يكون مثقفًا وواعٍ بالدستور والقانون). كما على الدولة والمجتمع المدني تكثيف التوعية الانتخابية لرفع وعي الناخبين تجاه مهام ممثليهم في البرلمان، لتكون الانتخابات أداة لاختيار الأصلح، لا الأبرز اجتماعيًا فقط

اترك تعليق