بقلم حسن النجار: موت الفجأة.. جرس إنذار من السماء لمن غفل قلبه

بقلم | حسن النجار
لا تزال أخبار الموت الفجائى تتسلل إلى قلوبنا كالصاعقة، تربك مشاعرنا، وتوقظ فينا أسئلة الوجود والغاية من الحياة، وتدفعنا للتأمل فى واقعٍ يمضى بنا سريعًا وكأننا نعيش على رصيف الانتظار.
فى كل مرة نفجع فيها برحيل مفاجئ لأحدهم، سواء كان من المشاهير أو من الناس العاديين، نكتشف الحقيقة الكبرى: أن الدنيا لا تساوي شيئًا، وأن الموت ليس بعيدًا كما كنا نظن، بل أقرب مما نتخيل، يأتى بلا موعد، ويفاجئنا بلا استئذان.
إن موت الفجأة ليس مجرد حدث عابر، بل رسالة من الله للأحياء، كى يتفكروا ويتعظوا قبل فوات الأوان، فيُراجعوا أنفسهم، ويُصححوا مسارهم، ويدركوا أن الحياة لا تُقاس بطولها، بل بصفائها، وصدقها، وبما نزرعه من خيرٍ وسيرةٍ طيبة.
نعيش صراعًا مريرًا مع الأوهام
كم من الناس يركضون خلف الوهم، يلهثون وراء المال والسلطة، ويتصارعون على توافه الأمور، غافلين عن الحقيقة الكبرى.. أن كل شيء زائل، وأن لا شيء يعادل راحة البال وصفاء القلب. أصحاب القلوب السوداء لا يعون ذلك، فهم في غفلة، يتعاملون مع الحياة كأنها دائمة، ولا يدركون أن ساعة النهاية قد تكون أقرب مما يظنون.
حديثنا عن الموت ليس تشاؤمًا
نحن لا نتحدث عن الموت كى نفقد الأمل أو نغرق في الحزن، بل كى نعيش الحياة بوعي أكبر، بإدراك يجعلنا نتمسك بالمشاعر الصادقة، وبالناس الحقيقيين، وبقيم الخير والعطاء. فالمشاعر النبيلة وحدها هي التي تمنحنا القدرة على الصمود والتحدى وسط زحام هذا العالم.
رحيل الأحباب موجع.. لكن العبرة باقية
هناك فرق شاسع بين أن تسمع عن الموت، وأن تعيش وجعه. الفقد موجع، والفراق كاسر، خصوصًا حين يتعلق الأمر بأعزّ الناس إلى قلوبنا. لكن رغم المرارة، فإن كل راحل يترك درسًا، وكل لحظة حزن تزرع فينا وعياً جديداً بأن الدنيا لا تساوى جناح بعوضة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لو كانت الدنيا تَعدلُ عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرًا منها شربة ماء.”
في النهاية، لا يبقى من الإنسان سوى سُمعته، وذكره الطيب، وسيرته التى يتحدث بها الناس بعد الرحيل. فلنحرص أن نكون ممن يُقال عنهم خيرًا حين نفارق، وأن تكون قلوبنا بيضاء لا سوداء، راقية لا حاقدة، فربما كان اليوم هو الفرصة الأخيرة، وربما لا يأتى الغد أبدًا.