بقلم | حسن النجار
بناء الأوطان لا يتحقق إلا حينما تسير الكيانات الرسمية وفق الأصول المهنية الراسخة، والمنبثقة من منظومة القيم والمعتقدات التي يؤمن بها المجتمع. من هنا تتشكل أخلاقيات العمل في مختلف البيئات،
بما في ذلك الساحة الحزبية، التي لا تنفصل عن هذه القيم. فصيانة مقدرات الدول لا تتم دون الالتزام بمواثيق الشرف، بل إن توفير بيئة داعمة للعمل يُعد في صدارة الأولويات.
وفي ظل هذا المناخ، نجد أن العمل المؤسسي المتين هو الأساس، حيث تسود القيم النبيلة مثل المصداقية، الأمانة، احترام الوقت، وحسن الخلق، إلى جانب الالتزام بالوعود،
وتحمل المسؤوليات، وأداء المهام بإتقان. كذلك يُعد الولاء، والانتماء، والطاعة الوظيفية، والإيجابية من أبرز ملامح الفهم الحقيقي للعمل الذي يخدم الصالح العام.
أما أخلاقيات العمل التطوعي من خلال بوابة الأحزاب السياسية، فتقوم على قناعات راسخة لدى المنتسبين لتلك الكيانات، أبرزها الإيمان بالرقابة الذاتية، والنزاهة، والاستقامة، والقناعة،
والحرص على الإتقان والتطوير المستمر، إلى جانب التطلع إلى مستقبل مشرق ينبثق من فكر ابتكاري يسعى إلى التحسين.
ومن يتصف بهذه الأخلاقيات، يُعوَّل عليه في حمل لواء الوطن، فهو من يقدّم الجديد، ويبذل الجهد دون تردد من أجل تحقيق أهداف وطنية نبيلة. وهكذا تتكون لدينا قناعة بأن من يتحلى بأخلاقيات العمل الوطني يحمل في داخله قيمًا رفيعة، وثقافة مجتمعية ناضجة، ووعيًا بالحضارة وتاريخ الوطن، ليجسد بذلك صورة المواطن الصالح الطامح إلى الارتقاء بوطنه.
لنتوقف قليلًا لنتأمل في ماهية مهارات العمل التطوعي التي تعمل الأحزاب على ترسيخها؛ فهي ليست مجرد ممارسات عابرة، بل أداءات مبنية على منهجية علمية وفنية متوازنة،
تؤسس لعلاقات سوية بين الأفراد والمؤسسات، تقوم على الشفافية، والمسؤولية، والمحاسبة، وترتكز على مفهوم مصلحة الوطن العليا.
ندرك جميعًا أننا لا نعيش في عالم مثالي، ولكن ثمة ثوابت لا يمكن التفريط فيها، وتتمثل في الالتزام الأخلاقي كمعيار حاكم لكل أجندة حزبية. وهذا هو المحك الحقيقي الذي يضمن أن تكون الفائدة عائدة إلى عموم المواطنين لا إلى فئة خاصة،
فيسود الاطمئنان، وتتوحد الجهود، وتتنامى ثقة المجتمع في الكيانات السياسية في ظل جمهوريتنا الجديدة.
تدعونا مهارات العمل التطوعي إلى الالتزام التام بالتعليمات، واحترام القوانين المنظمة للعمل الميداني، مع مراعاة عنصر المرونة عند مواجهة ظروف طارئة. بذلك نحافظ على الجهود المبذولة،
ونعزز الطاقات الإيجابية، ونتفادى الممارسات السلبية كالمحسوبية والقبلية، مقابل دعم قيم العدالة والمساواة.
لدينا جميعًا تطلع نحو تكوين سياج يحمي الفرد، والمؤسسة، والمجتمع، وهذا لا يتحقق إلا من خلال تعزيز أخلاقيات العمل الوطني، باعتبارها المرجعية الأساسية التي تقي من الوقوع في فخ المصالح الضيقة التي تعوق التنمية.
إن الثقة المجتمعية لا تُكتسب بسهولة، بل هي ثمرة جهد منظم، يرى المواطن أثره في الواقع، ويجني ثماره لاحقًا. وفي هذا السياق، تبرز قيادتنا السياسية نموذجًا يُحتذى في العطاء والتفاني من أجل الوطن، بما يرسخ قيم العمل الوطني ويعزز ثقافته في وجدان كل مصري.
اخيرا : ودّي ومحبتي لوطني العزيز، ولجميع أبناء هذا الشعب الكريم.