بقلم حسن النجار: الحكومة تطمئن مستأجري الإيجار القديم بلا خطة واضحة
المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والمتخصص في الشؤون السياسية الدولية
بقلم | حسن النجار
أثار إقرار مجلس النواب، الأربعاء الماضي، لقانون الإيجار القديم، جدلاً واسعًا في الشارع المصري، رغم تأكيدات الحكومة بأنه لن يتم طرد أي مواطن من مسكنه، وأن الدولة ستتكفل بتوفير سكن بديل للمستأجرين الذين سيغادرون وحداتهم مستقبلاً.
لكن هذه التطمينات، التي جاءت على لسان وزير الإسكان شريف الشربيني، لم تكن مدعومة بأية خطة واضحة أو دراسات معلنة، لا أمام البرلمان ولا في وسائل الإعلام، ما جعل الكثيرين يتساءلون: ما مدى مصداقية هذه الوعود؟ ومن أين استمد الوزير هذه الثقة لطمأنة الشارع؟
الأغرب من ذلك، أن عددًا من ملاك العقارات خرجوا ببيانات على مواقع التواصل الاجتماعي، يعلنون فيها التزامهم بالعقود القديمة التي أبرمها آباؤهم مع المستأجرين، مؤكدين أن “المال مال الله، والأرض أرض الله، ولن يُطرد أحد”.
ومن هنا يثور السؤال المنطقي: إذا كانت الحكومة لا تريد طرد أحد، والملاك أيضًا لا يسعون لذلك، فلمصلحة من صدر هذا القانون؟ ومن الجهة التي دفعت باتجاهه؟ هل كان الأمر برغبة من مجلس النواب فقط، أم أن هناك جهة خفية تقف خلف المشهد؟
وتتضاعف علامات الاستفهام مع غياب أية خريطة حكومية واضحة لتطبيق القانون بعد انتهاء مهلة السنوات السبع التي يمنحها للمستأجرين، في ظل تحذيرات من أن يخرج المواطنون يومًا ما من منازلهم دون بديل، ما قد يهدد السلم والأمن الاجتماعي.
كما ترددت أنباء عن وجود صفقة محتملة مع مستثمر أجنبي لشراء عقارات في منطقة وسط البلد، وهو ما لم تنفه الحكومة بشكل قاطع، ما جعل الشائعات تنتشر وتؤرق المواطنين في ظل الغياب الحكومي عن الساحة الإعلامية والتفسير المنطقي.
وحاولت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، تهدئة الموقف، بالإشارة إلى وجود أراضٍ متاحة لبناء مساكن بديلة، لكن دون توضيح إذا ما كانت هذه التصريحات تمثل توجها حكوميًا منظمًا، أم مجرد مبادرة فردية منها لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد.
ويبقى السؤال الأهم: إذا كانت الحكومة جادة فعلًا في حماية الاستقرار الاجتماعي، فلماذا سارعت بإشعال فتيل الأزمة دون استعداد حقيقي لمواجهتها؟ وأين هي الخطة التي كان يجب أن تسبق صدور القانون، لا أن تتخلف عنه
إن غياب الرؤية وعدم وضوح الخطط قد يدفع ثمنه المواطن البسيط وحده، فهل تتدارك الحكومة الموقف قبل فوات الأوان؟