بقلم حسن النجار: مصر تحتاج تَكاتُف اليوم كما تَشابَكت الأيدى بالأمس
الكاتب الصحفي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والمتخصص في الشؤون السياسية الدولية
بقلم | حسن النجار
قبل 12 عامًا، وفى الثالث من يوليو 2013، وقفت مصر على مفترق طرق مصيري، فتوحدت إرادة الشعب مع الجيش، وتشابكت أيادى القوى الوطنية بمختلف أطيافها واتجاهاتها،
من أقصى اليمين إلى كل فصائل اليسار، ومن الشباب الثوري إلى الشيوخ أصحاب الحكمة. التف الجميع حول هدفٍ واحد: استعادة هوية الدولة وبناء مستقبل يليق بمصر وشعبها.
فى هذا اليوم التاريخى، وقف الفريق أول عبدالفتاح السيسي – وزير الدفاع آنذاك – ليعلن خارطة طريق وطنية تستجيب لمطالب ملايين المصريين الذين خرجوا في 30 يونيو ينادون بالحرية والعدالة الاجتماعية،
ويرفضون أن تكون مصر رهينة لحزب أو جماعة. كان بيان 3 يوليو بمثابة وثيقة إنقاذ وطني، صاغتها إرادة شعب، واحتضنتها مؤسسات الدولة، وباركها الأزهر والكنيسة.
لكن بعد كل هذه السنوات، يثور سؤال مشروع: لماذا تباعدت الأيدى المتشابكة؟! ولماذا انسحب بعض الشركاء من المشهد؟ هل كان الخلاف حول الأولويات؟ أم أن البعض لم يجد نصيبه من الغنيمة فغادر؟! أم أن المصالح تغيرت والدوافع تبدلت؟!
رغم هذه التساؤلات، تبقى الحقيقة الأهم أن مصر خطت خطوات هائلة على طريق البناء والتنمية. فقد راهن الرئيس السيسي منذ اللحظة الأولى على وعى المصريين وصبرهم، وتحملوا – بكل شجاعة – كلفة الإصلاح الاقتصادي، وشاركوا فى تنفيذ مشروعات كبرى: من شق الطرق، إلى بناء المدن والمصانع، واستصلاح الأراضى، وإنشاء المزارع السمكية.
ومع ذلك، فإن المصريين يدركون أن الطريق ما زال طويلاً، وأن بناء دولة حديثة لا يكتمل إلا بتجديد روح 3 يوليو، وإعادة اللحمة الوطنية، واستدعاء كل طاقات الوطن دون إقصاء أو تهميش.
مصر اليوم بحاجة إلى اصطفاف شعبى حقيقى يلتف حول مؤسسات الدولة، لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والإقليمية التى باتت أشد خطراً من تلك التى كانت قائمة فى 30 يونيو.
إذا كنا نطالب الشباب أن يرددوا مع عليا التونسية: “ما تقولش إيه اديتنا مصر.. قول حتدى إيه لمصر؟”، فإن الحكومة مطالبة فى المقابل ببذل جهد مضاعف لتخفيف معاناة المواطن،
والاقتراب من مشكلاته بواقعية وتعاطف واحترام. فليس من المقبول أن يَظهر بعض المسئولين وكأنهم يمنّون على الشعب، فى حين أن رواتبهم ومخصصاتهم تُصرف من ضرائب هذا الشعب الكادح.
- رحمة بالمستأجرين.. وإنصاف للملاك: قانون الإيجارات بين المطرقة والسندان
بعد سنوات من الترقب والتجاذب، أقرّ مجلس النواب قانون الإيجارات السكنية القديمة، مستجيبًا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر نهاية العام الماضى، والذى قضى بعدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية، مع تحديد سريان الحكم اعتبارًا من نهاية الدورة التشريعية الحالية.
لكن القانون الذى طال انتظاره جاء محمّلاً بثغرات كثيرة. فالحكومة لم تُعد دراسات وافية، ولم تقدم خطة واضحة لتسكين المتضررين، واكتفت بمشروع قانون لا يراعى البعد الاجتماعى ولا الواقع الاقتصادى الذى يرزح تحته ملايين المستأجرين. فكيف يُطالَب مواطن بسيط،
على المعاش، بدفع إيجار من 50 جنيهًا إلى ألف أو ألفين مرة واحدة؟! وكيف تُجبر أرملة على إخلاء منزلها بعد 7 سنوات دون بديل؟!
فى الوقت ذاته، من الظلم أن يظل المالك رهينة عقد إيجار قديم، لا يستطيع استعادة ملكه رغم أن المستأجر قد يكون غادر الشقة أو يملك عقارًا آخر.
إن المخرج الوحيد هو تحقيق التوازن والعدل للطرفين. قانون عادل لا يُطرد فيه من يستحق السكن، ولا يُظلَم فيه من يملك العقار. نادينا بذلك مرارًا، وقلنا إن الحل ليس فى النصوص الجامدة، بل فى تطبيق مرن يراعى ظروف كل حالة على حدة.
والأمل الآن، بعد صدور القانون، أن يتم تعديله فى الدورة البرلمانية المقبلة، بما يضمن عدم تشريد الأسر محدودة الدخل، وأن تشكل لجان متخصصة بكل محافظة لبحث الحالات الإنسانية، وتقديم حلول واقعية، تراعي كرامة الإنسان قبل نصوص القانون. حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش