بقلم حسن النجار: خطة إسرائيلية لاحتلال غزة
بقلم | حسن النجار
تمثل الخطة الإسرائيلية لفرض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، وهو الوصف الملطّف لـ«الاحتلال»، تحوّلًا خطيرًا في مسار الحرب، إذ تتجاوز الأهداف المحدودة للعمليات السابقة نحو «الإخضاع» الكامل بدلًا من «الاحتواء»، في تحدٍ لتحذيرات قيادة الجيش الإسرائيلي.
ترتكز الخطة على خمسة مبادئ أساسية: نزع سلاح حركة حماس بالكامل، استعادة جميع الرهائن، جعل غزة منطقة منزوعة السلاح، فرض سيطرة أمنية إسرائيلية طويلة الأمد، وإنشاء إدارة مدنية بديلة لا تضم حماس أو السلطة الفلسطينية.
وتعني هذه الخطة عمليًا فرض قبضة عسكرية على كل شبر في القطاع، بما في ذلك مدينة غزة والمناطق الوسطى، رغم أن الجيش الإسرائيلي يسيطر حاليًا على نحو 75% من الأراضي.
إلا أن هذه المناطق تمثل التحدي الأكبر نظرًا لكثافتها السكانية العالية، واحتوائها على شبكات أنفاق ومراكز قيادة، ما يجعل أي توغل مباشر مكلفًا بشريًا وسياسيًا.
اختيار مصطلح «السيطرة» بدلًا من «الاحتلال» ليس عفويًا، بل يهدف لتفادي التبعات القانونية لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تُحمل القوة المحتلة مسؤوليات كاملة تجاه المدنيين. إسرائيل، التي تنفي منذ سنوات صفة الاحتلال عن وجودها في غزة، تسعى بذلك إلى تجنب الملاحقات والضغوط الدولية.
أما الشق الإداري من الخطة، القاضي بإنشاء إدارة مدنية بديلة خارج أي إطار فلسطيني، فيثير جدلًا واسعًا حتى داخل إسرائيل، حيث يرى محللون أنه قد يخلق فراغًا وفوضى تمهّد لصعود قوى مسلحة أكثر تطرفًا،
كما حدث في العراق وأفغانستان. ورفض إشراك السلطة الفلسطينية يقلل من فرص التسوية السياسية ويجعل الاستقرار بعيد المنال.
ميدانيًا، من المتوقع أن يواجه أي هجوم على قلب مدينة غزة والمناطق الوسطى مقاومة شرسة تعتمد على الأنفاق والكمائن، ما يرفع الخسائر في صفوف الجيش ويؤدي لسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
كما أن تنفيذ الخطة يتطلب تعبئة إضافية لقوات الاحتياط، وهو ما يحذر منه قادة الجيش خشية الإرهاق وانخفاض الكفاءة.
إحدى النقاط المثيرة للجدل هي الاعتماد على الإخلاء القسري لعشرات الآلاف من المدنيين من مناطق القتال، ما يعني تكرار موجات النزوح في ظروف إنسانية أسوأ، وسط تحذيرات الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي من خطر المجاعة.
سياسيًا، تمنح الخطة حكومة نتنياهو ورقة ضغط في ملف الأسرى، لكنها تزيد الانقسام الداخلي الإسرائيلي، وتوسع عزلة تل أبيب دوليًا، في ظل دعوات غربية متزايدة لوقف إطلاق النار ومعالجة الأزمة الإنسانية،
بينما يهدد طول أمد التورط العسكري في غزة بإغراق إسرائيل في دوامة استنزاف ومقاومة متصاعدة.
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.