بقلم حسن النجار: القمة العربية الاسلامية بالدوحة كلمات قوية بلا أفعال
المفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير موقع الوطن اليوم والمتخصص في الشؤون السياسية الدولية


بقلم | حسن النجار
اختتمت القمة العربية-الإسلامية الطارئة في الدوحة بخاتمة تبدو قوية على الورق، لكنها تفتقر إلى ترجمٍ عملي يرقى إلى مستوى حساسية اللحظة. تحيّات الاستنكار والتنديد والتوصيفات المدوية ملأت المنصات،
ولكنها — للأسف — لم تُترجم إلى خطوات فعلية تُعادل حجم الاعتداء وتداعياته. إن الكلمات وحدها لم تعد تكفي أمام انتهاك سيادة دولة عربية وتهديد استقرار المنطقة.
كان من المتوقع أن تخرج القمة بقرارات ملموسة تصنع فارقاً — عقوبات دبلوماسية، إجراءات اقتصادية، أو على الأقل جملة إجراءات تنسّق الضغوط الإقليمية — بيد أن البيان الختامي ظل في إطار العبارات العامة والدعوات المكررة.
ومع ذلك احتوى البيان بنداً دعا إلى «مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل»، وهو بند مهمّ لو طبّق بحزم، لكنه لا يزال مجرد نص على ورق ما لم تتبعه خطوات تنفيذية.
لا أنكر أن الجلسات وخطابات القادة قدّمت لحظات قوة لغوية، وأن بعض الكلمات كانت صادحة وعاطفية، لكننا نعيش في زمن تحتاج فيه الأمةُ إلى سياسات لا قصائد.
لقد اعتدنا على الاحتفاء بالكلمات، وعلى منابرٍ نبرع فيها في المديح والبلاغة، بينما نُهمل أدوات الضغط الواقعي التي تصنع نتائج. هذا ما يفسر جزئياً سرارتِنا بالكلمات ومرارة غيابِ الأفعال.
مصر، كما بدا، جسّدت موقفاً متوازنًا وفعّالاً في هذه القمة؛ استعادتها لمكانتها الدبلوماسية وعودتها إلى طاولة التأثير لم تكن كلاماً فحسب، بل جاءت نتيجة تراكم من العلاقات والقدرات والوساطات التي تملكها القاهرة. وجود مصر على قدر الحدث أعطى القمة زخماً عملياً ولو احتاج التنفيذ إلى مزيد من الإرادة الإقليمية.
يجب أن نعترف بأن الاعتداء على قطر — وهو اعتداءٌ غادر كما وُصف من دولٍ عدة — قلب حسابات كانت تسعى للتطبيع وجعل من إسرائيل طرفاً مقبولاً في محيطها الإقليمي. هذا التغيير في المزاج العربي قد يدفع باتجاه إعادة ضبط موازين القوى السياسية والدبلوماسية في المنطقة،
ويضع أمام الدول خيار تحويل كلام القمة إلى قرارات تُحدث أثرًا حقيقياً. في محصلة القول: لا أدعو إلى التصعيد العسكري، لكنني أطالب بسياسة عربية واضحة ومُتسقة تقرع أبواب الردع الدبلوماسي والاقتصادي. تجميد العلاقات،
مراجعة الاتفاقيات، وفرض قيود اقتصادية على الجانب المعتدي هي أدوات قانونية وسياسية متاحة إن توفرت الإرادة. على القادة أن يقرّروا إن كانوا يريدون أن تبقى العرب أمةَ كلام أم أن تصير أمةَ إجراءات.
القمة كانت مناسبة مهمة لتجميع الصف العربي والإسلامي وإظهار تضامنٍ رمزي مع قطر، ولكن الإرث الحقيقي سيقاس بما سيترتب من خطوات عملية في الأيام والأسابيع القادمة — إن أرادت الشعوب أن ترى فعلاً يوازي حجم الكلمات. حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش المصري ؟