بقلم حسن النجار .. تحية تقدير لكل يد تبني وتصنع الحياة
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير الوطن اليوم عضو المكتب الفني للشؤون السياسية
 
						بقلم | حسن النجار
في كل صباح، تشرق الشمس على وجوه تعرف جيدًا معنى الكفاح، وجوه أنهكها السعي لكنها ما زالت تبتسم بثقة من يتوكل على الله ويعرف أن الرزق لا يأتي بالتمني بل بالعمل.
هؤلاء الذين يخرجون من بيوتهم قبل أن يكتمل ضوء النهار، يحملون على أكتافهم أمانة الأسر، وأحلام الأبناء، وكرامة العيش، لا ينتظرون منةً من أحد، بل ينتزعون حقهم من صلابة الحياة بعرقٍ لا يجف.
العمل ليس مجرد وسيلة للرزق، بل هو هوية الإنسان وكرامته، هو اللغة التي يفهمها الله حين يرى سواعد تبني ولا تهدم، وأيادي تزرع ولا تنتظر المقابل، في كل مصنع وورشة، في كل شارع ومكتب، هناك قصة كفاح تُروى دون كلمات.
صوت الماكينة هو نبض العامل، ورائحة الخبز الساخن هي أنفاس الأم التي لم تعرف يومًا طعم الراحة لكنها عرفت معنى العطاء.
تحية لكل من يزرع في أرض الله حبًا وصبرًا قبل أن يزرع قمحًا أو ثمراً، تحية لكل رجل عاد إلى بيته منهك الجسد مرفوع الرأس، ولكل امرأة عظيمة توازن بين العمل والبيت، كمن تمشي على خيط رفيع بين الحلم والواجب، هؤلاء هم من تستحق أياديهم أن تُصافحها السماء، لأنهم يصنعون للحياة طعمها الحقيقي.
ليس العيب أن تتعب، بل العيب أن تنتظر دون أن تسعى، فالرزق يحب الحركة، ويطرق باب من يتحرك لا من ينام.
العمل شرف لا يسقط بالتقادم، ووسام لا يُعلَّق على الصدور بل يُزرع في القلوب، من لا يعمل لا يشعر بقيمة اليوم، ولا يسمع موسيقى الصباح التي تعزفها خطوات الساعين خلف لقمة شريفة.
إن الله جعل في العمل عبادة، وفي العرق طهارة، وفي الكد بركة، فاعملوا واعمُروا الأرض كما أمركم الخالق، فالعمل ليس مجرد وسيلة للبقاء، بل هو طريق الكرامة ودرس الإنسانية الأول.
تحية لتلك الأيادي الشقيانة التي تبني أوطانًا قبل أن تبني بيوتًا، وتُطعم القلوب قبل أن تُطعم البطون، إنهم لا يصنعون الأشياء فقط، بل يصنعون معنى الحياة ذاته، ففي زمنٍ كثر فيه الكلام وقل فيه الفعل، يبقى العامل الصامت أبلغ من ألف خطيب، وتبقى يد الكادح أطهر من ألف شعار.
حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش وشهدائنا الابرار
 
				



