بقلم هند مختار العربي: ملوك العالم في ضيافة ملوك مصر العظماء
الكاتبة الصحفية هند مختار العربي كاتبة في الشؤون السياسية المحلية والعربية لدي جريدة الوطن اليوم
بقلم | هند مختار العربي
ساعات قليلة تفصلنا عن انطلاق احتفالية أسطورية، يستعيد فيها التاريخ أنفاسه وتنهض فيها حضارة مصر القديمة بكل مجدها، لتستقبل ملوك العالم في ضيافة ملوك وملكات مصر العظماء. إنها لحظة ينتظرها العالم بشغف،
حيث تتجدد سيرة الأجداد الذين ملأوا كتب التاريخ القديمة والحديثة، وتغنّت بإنجازاتهم المتاحف العالمية بجميع لغات الأرض، واصطفّت الشعوب أمامها تحت المطر لتشاهد عظمة المصريين التي لا تغيب.
في مشهد لن يتكرر في هذا القرن، تصطف المواكب الملكية، والدراجات الحربية، والوفود القادمة من الأسر الحاكمة القديمة في عرض مهيب يليق بعظمة الفراعنة. وقد اختار خبراء الآثار المصريون “سيدة العطاء وعظيمة الثناء” لتكون في استقبال ضيوف مصر، فها هي الملكات حتشبسوت،
ونفرتيتي، وكليوباترا، وميريت، وبنات النبلاء، يصطففن على جانبي المتحف، وكأن التاريخ يعيد نفسه في لحظة من السحر والجلال.
وفي قلب البهو الرئيسي، يقف الملك رمسيس الثاني شامخًا بتمثاله المهيب، الذي يبلغ وزنه أكثر من ٨٣ طنًا، وقد عاد من ميدانه الشهير ليستقر في صدارة المتحف المصري الكبير، رمزًا للخلود والعظمة المصرية.
وعلى الدرج العظيم، يتألق تمثال الإله حورس المصنوع من الجرانيت الوردي، تحيط به قطع فخارية نادرة وتوابيت ملكية تحكي أسرار الحياة والموت عبر العصور.
أما مقتنيات الملك الذهبي توت عنخ آمون، التي جابت العالم مبهرة العيون والعقول، فقد وجدت مكانها الدائم داخل المتحف، حيث تم عرض ٣٦٧ قطعة منها بعناية فائقة. كما تم عرض مركب الملك خوفو بعد ترميمه،
إلى جانب نقل ٧٧٨ قطعة أثرية من الأقصر إلى المتحف وسط إجراءات أمنية مشددة، تنوعت بين التوابيت والتماثيل الضخمة التي تعود معظمها لعصر الدولة الحديثة، ومن أبرزها تمثال الملك أمنحتب الثالث.
ولأن الحكاية لا تكتمل دون الإشارة إلى عظمة البناء ذاته، فإن المتحف المصري الكبير، أكبر متحف للآثار في العالم، جاء في موقع فريد على بعد أميال من القاهرة،
يطل مباشرة على أهرامات الجيزة، وقد صُمم ليستوعب نحو ٥ ملايين زائر سنويًا، ويضم أكثر من ١٠٠ ألف قطعة أثرية من العصور الفرعونية واليونانية والرومانية.
جاء تصميمه على مساحة ١١٧ فدانًا بفكرة هندسية مدهشة، حيث استوحي شكل واجهته المثلثة من رمزية الأهرامات، وفق نظرية رياضية بولندية تتحدث عن “التقسيم اللانهائي للمثلث”.
ويُعد المتحف المصري الكبير أول متحف “أخضر” في أفريقيا والشرق الأوسط، بعد حصوله على شهادة EDGE Advance الدولية للمباني الخضراء المعتمدة من مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي،
بفضل اعتماده على الطاقة النظيفة، وترشيد الاستهلاك، وأنظمة الإضاءة والتهوية الطبيعية، وتركيب الخلايا الشمسية.
فلتُرفع القبعات، ولتُقرع الطبول، ولنهتف جميعًا فخرًا واعتزازًا: هنا مصر… أرض الملوك والملكات، حيث ينهض التاريخ من جديد ليحكي للعالم قصة الخلود.


