كتب | ايمن الجوهرى
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المقبلة بعنوان «بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن»، لتؤكد من خلاله على أن الإسلام دين الحوار الراقي، وأن إدارة الخلاف بالحكمة والأدب من أهم سمات الشخصية المسلمة الواعية.
وجاء في نص الخطبة:
«فلقد جُبلت الحياة على التنوع، وخُلق الإنسان مختلفًا في طبعِه وفكرِه؛ فالاختلاف فطرة إنسانية، وسُنة كونية، وصنيعة ربانية، وليس الاختلاف نقيصة بشرية، فهو غِنى حضاري، به تُثرى العقول وتُوسع الأفهام».
وأوضحت الخطبة أن جوهر الحضارة يكمن في قدرة المجتمع على استيعاب التباين والارتقاء به من التصادم إلى التنافس المحمود، مشيرة إلى أن غياب هذا الاستيعاب يجعل البيوت ساحات نزاع والمجالس ميادين شقاق، وأن «العقلية الفارقة ترى في مخالفة الرأي فرصة للتعلّم لا دعوة للتعصب».
كما استشهدت الخطبة بعدد من المواقف النبوية الراقية في إدارة الخلاف، وجاء فيها: «كانت كلماتُه صلى الله عليه وسلم بلسمًا، ونظراتُه أمنًا، حتى لمن جاء يتربص أو يخاصم، ألم يصل إليكم خبر الأعرابي الذي جذب رداءه بعنف فكان جزاؤه ابتسامة نبوية وعطاء وفير؟».
وأكدت خطبة الجمعة القادمة أن المنهج النبوي في احتواء المخالفين درس في الإيمان بأن الحق قوي بذاته ولا يحتاج إلى قسوة لفرضه، بل إلى سعة صدر تجتذب المخالف وتذيب عناده، تطبيقًا لقوله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
وحذّرت الخطبة من تحويل الخلاف إلى صراع وجود كما تفعل جماعات التطرف، التي «تعتبر رأيها نصًّا وتفسيرها شرعًا، فلا تحتمل أن يدور الفكر خارج فلكها الضيق، فتغتال الرحمة باسم التشدد وتقتل آداب الحوار باسم الحقيقة».
واختتمت الخطبة بالتأكيد على أن الاختلاف سُنّة كونية لا مفر منها، قائلة: «ليس العيب أن نختلف، ولكن العيب أن نُسيءَ الأدب عند الاختلاف، فلْيكن اختلافُنا كاختلاف النجوم في السماء: تباعدٌ في المواضع، ولكنها جميعًا تُنير ليل الإنسان، لا تُظلمُه».
وأكدت وزارة الأوقاف أن هذه الخطبة تأتي في إطار مشروعها الدعوي لترسيخ قيم الحوار، والتأكيد على أن الإسلام يدعو إلى الجدال بالحكمة والموعظة الحسنة، تطبيقًا لقوله تعالى: {ٱدعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلحِكمَةِ وَٱلمَوعِظَةِ ٱلحَسَنَةِ وَجَٰدِلهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحسَنُ}.
