أخبار عربية

الإخوان في السودان يعيدون خطاب استعداء الخارج مجددًا وسط تحذيرات 

كتب | محمد حجازى  

أعرب مراقبون عن خشيتهم من أن يؤدي تصاعد خطاب “استعداء الخارج” في السودان إلى عودة البلاد لعزلة دولية جديدة، في وقت تتفاقم فيه الأزمة الداخلية وتزداد المعاناة الإنسانية. 

ففي خطاب ألقاه أمام مجموعة عسكرية في أم درمان الأسبوع الماضي، قال قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إن “الحملة التي تقودها دول البغي والاستكبار ضد السودان ستنكسر، وسينتصر فيها الشعب السوداني”. 

وفي الخرطوم، سخر مساعده ياسر العطا من مبادرة “الرباعية” الدولية، معلنًا رفضه الصريح لأي اتجاه نحو التصالح أو التفاوض، بينما اتهم وزير الخارجية محيي الدين سالم خطة الرباعية بأنها “من صنع من صنعها (…) لا نتعامل معها لأنها لا علاقة لحكومة السودان بها”. 

وكانت مجموعة الرباعية، المكونة من مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، قد اقترحت في سبتمبر الماضي خطة لوقف الحرب في السودان تمهد لإنهاء الصراع بشكل تام. 

وتأتي هذه اللهجة التصعيدية في وقت يتطلع فيه الشارع السوداني إلى حل ينهي الأزمة الإنسانية الناجمة عن أكثر من 32 شهرًا من الحرب، التي خلفت أكثر من 150 ألف قتيل، وشردت نحو 15 مليون شخص، وتسببت في خسائر مادية بمئات المليارات من الدولارات. 

خلل دبلوماسي 

يرى البرلماني والوزير الأسبق بالخارجية السودانية مهدي الخليفة أن السياسات الرسمية الحالية تميل إلى التصعيد بدلًا من التهدئة، مما يضعف موقف السودان ويعمق عزلته الدولية. 

وأوضح في حديثه لـ”الوطن اليوم” أن “مهاجمة وزير الخارجية لدول إفريقية تمثل إشارة واضحة على أن السودان يختار المواجهة بدل الشراكة”، في وقت هو أحوج ما يكون فيه إلى دعم دولي لإقرار السلام وإعادة الإعمار. 

لماذا العداء؟ 

يرجع انتشار هذا الخطاب العدائي إلى إدراك تنظيم الإخوان أن أي تسوية سياسية جادة ستعني نهاية دوره السياسي والتنظيمي، إذ يرى مراقبون أن تحقيق السلام سيؤدي إلى فتح ملفات المحاسبة وكشف ما جرى طوال 3 عقود من حكمهم. 

وفي هذا الإطار، يقول الباحث الأمين بلال إن “الحرب ليست خيارًا استراتيجيًا فحسب، بل مشروع وجودي (…) وأي مسار سلام هو انتحار سياسي بالنسبة لهم”. 

ويعيد هذا الخطاب إلى الأذهان سنوات العزلة التي عاشها السودان في تسعينيات القرن الماضي، حين اعتمد النظام وقتها سياسة معاداة الخارج وتصويره كعدو داخلي، ما أدخل البلاد في عزلة دبلوماسية واقتصادية استمرت 27 عامًا. 

ويرى الصحفي والمحلل السياسي فايز السليك، في حديثه لـ”الوطن اليوم”، أن “استعداء الخارج يمثل امتدادًا لسياسات نظام الإخوان التي جعلت السودان معزولًا ومنبوذًا إقليميًا ودوليًا”. 

توظيف الشارع 

ويُستخدم الخطاب المعادي للخارج كوسيلة لتجميع الأنصار وتبرير استمرار الحرب باعتبارها خيارًا “سياديًا” ضد ما يُسمى “التبعية”. 

ويؤكد الباحث الأمين بلال أن “مهاجمة دول المنطقة تحمل رسالة تهديد (…) ومن أشعلوا الحرب رسموا لها سيناريوهات وخططًا واضحة للعودة إلى السلطة”. 

ويتضح أن الخطاب العدائي الذي تتبناه بعض قيادات الجيش وتنظيم الإخوان في السودان لا يعكس فقط رفضًا لمبادرات السلام،

بل يعبر عن محاولة لإحياء نفوذ ماضٍ في ظل فوضى الحرب، وهو ما قد يعيد السودان إلى دائرة العزلة الدولية ما لم يُعالج عبر دبلوماسية رشيدة وعقلانية. 

حسن النجار

حسن النجار : رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم الاخبارية والكاتب الصحفي والمفكر السياسي في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية باحث مشارك - بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المكتب الفني للشؤون السياسية وعضو لجنة تقصي الحقائق بالتحالف المدني لحقوق الانسان لدي جامعة الدول العربية والنائب الاول لرئيس لجنة الاعلام بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان الدولية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى