بقلم حسن النجار: مصر بين التحديات وآمال الشعب
المفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير الوطن اليوم وعضو المكتب الفني للشؤون السياسية
بقلم | حسن النجار
ربما يكون علينا أن نتذكر، ونذكر كل الأطراف فى الدولة بما واجهته مصر طوال أربعة عشر عامًا، وما مرّت به من تحديات واختبارات جسام، تفرض على كل من يتولى مسؤولية أن يكون على قدر هذه المسؤولية، وأن يستوعب مطالب وأحلام وطموحات المصريين الذين قدّموا الكثير وتحملوا وصبروا، ومن حقهم أن يجنوا ثمار هذا الجهد.
نقول هذا بمناسبة الانتخابات التى يُفترض أن تُفرز مجلس نواب، وقبلها مجلس شيوخ، وهى مؤسسات يفترض أنها تقوم بدور تشريعى ورقابى، وتنوب عن المصريين فى تخطيط ما يلزم من قوانين ومراقبة أداء الحكومة والموازنة العامة للدولة.
وما زلنا نرى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الطرف الأكثر فهمًا وإدراكًا لمطالب الجمهور وقلق وتساؤلات المواطنين، وأنه على مدى السنوات الماضية كان صاحب أكثر المبادرات الجادة التى واجهت مشكلات وأزمات مزمنة، منها فيروس “سى” والعشوائيات، وحرص على ألا تكون مواجهة الإرهاب مبررًا لترك عملية بناء الدولة والتنمية.
أصر الرئيس على أن تسير عملية البناء جنبًا إلى جنب مع مواجهة التحديات، وأن يكون الإصلاح الاقتصادى طريقًا لتصحيح التشابكات المتعلقة بالاقتصاد.
وفى سبيل هذا الإصلاح كانت هناك تضحيات وصبر من المصريين الذين قدّموا الكثير، ودفعوا ثمنًا غاليًا للاستقرار والبناء ومواجهة الأزمات، ومن حقهم أن يجدوا ثمار هذا الجهد على حياتهم ومستقبل أبنائهم.
لقد وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى بالبدء فى حوار وطنى لا يستبعد أحدًا، ويناقش كل القضايا والتحديات بصراحة وحرية.
وانعقد الحوار واستمر لأكثر من عامين، وبلغ عامه الثالث فى أبريل الماضى، وتضمّن مناقشات وجلسات نتجت عنها توصيات مهمة، ووجّه الرئيس الحكومة ببدء تنفيذها، إلا أن الحكومة كوّنت لجنة مشتركة مع الحوار، انبثقت عنها لجنة أخرى، ثم نامت التوصيات فى الأدراج.
التوصيات كانت نتاج مناقشات شارك فيها خبراء وأحزاب وأكاديميون وحقوقيون وممثلون عن المجتمع المدنى، وأنفقت عليها الدولة وقتًا وجهدًا ومالًا، لكنها ذهبت أدراج الرياح.
فى المقابل، نرى الحكومة تبحث عن تطوير الإعلام، وهو ليس من مهامها، وتعقد لجنة تلو أخرى، متجاهلة أن الحوار تضمن كل ما يمكن من أفكار ورؤى.
ولو كانت لدينا حكومة عاقلة، لمدّت يدها لتقرأ هذه التوصيات، فهى خلاصة عقول وكفاءات وطنية.
لكن ما زالت هناك نفسية لدى بعض المسؤولين تُصوّر لهم أنهم فى منافسة لا فى مهمة، والنتيجة أن هناك انفصالًا واضحًا بين الحكومة والمجتمع، والمصريون لا يرون سوى استعراضات ولجان ومنتديات وافتتاحات لا تنعكس آثارها عليهم ولا يظهر لها أفق مفيد.
نعود لنؤكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الذى يخرج ليتحدث ويشرح ويجيب ويتابع آراء المواطنين، ويعرف مواطن القلق والتساؤل، ويوجّه الحكومة إلى ما يجب أن تقوم به، مؤكدًا أن رضا المواطنين ضرورى جدًا، فالمواطن لن يأكل اللجان،
ولن يلبس المنتديات، ولن يكتفى بظهور الوزراء والمحافظين وهم يمثلون أنهم يعملون، بل يريد إنجازًا حقيقيًا يلبي احتياجاته اليومية.
الواقع أن المواطن ينتظر أدوارًا فاعلة للحكومة ومجلس النواب والأحزاب والتيارات السياسية، أكبر من هذا الوجود الباهت.
لقد أصابه الملل من الجمود وغياب الخيال والأفكار الخلاقة، ولم يعد يرى سوى أفكار ريعية تخدم أقلية محدودة.
المواطن بحاجة إلى مسكن مناسب للأغلبية، لا إلى “كومباوندات” يتفرج عليها، ويحتاج إلى علاج لائق، وفرص عمل حقيقية، وحكومة وبرلمان يدركان أن أغلبية المصريين من الطبقة الوسطى التى تحتاج إلى سياسات عادلة توفر فرصًا وتعطى أملاً حقيقيًا، بعيدًا عن التجاهل والصمت.
وكذلك مجلس نواب يشرّع ويراقب ويحاكم ويتحدث باسم الشعب، لا باسم أعضائه.
الشعب المصرى شعب واعٍ وعميق، ولهذا يوجه له الرئيس التحية دائمًا، لأنه يعرف أنه شعب يتحمل ويصبر ويدرك حجم التحديات، ويحتاج إلى مسؤولين يعملون بعقل وفهم ويتجاوزون الجمود إلى حركة حقيقية لصالح الأغلبية.
هناك حاجة ماسة إلى حكومة تقرأ وتعرف، وبرلمان يتحدث ويحاسب ويستمع لصوت الناس، حتى لا يملأ الفراغ فراغًا أخطر، يعيد مشاهد تخلّص منها المصريون ولا يريدون عودتها، من حكومة ونواب وأحزاب بلا تأثير.
حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش المصري وشهدائنا الابرار




