حسن النجار يتساءل : هل تتأجل انتخابات البرلمان 2025 في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية؟ مصر بين الاستحقاق الديمقراطي والصمود الوطني  

حسن النجار يتساءل : هل تتأجل انتخابات البرلمان 2025 في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية؟

قلم : حسن النجار يتساءل  

في وقتٍ بالغ الدقة تمر به جمهورية مصر العربية، تتزايد التساؤلات في الشارع السياسي والشعبي: هل تُعقد انتخابات مجلس النواب في موعدها المقرر؟ أم أن تحديات الأمن القومي والظروف الإقليمية تفرض إرجاء هذا الاستحقاق الدستوري؟

الساحة لم تعد محلية فقط، بل إن رياح الإقليم تهب بعنف على المنطقة، ومصر في القلب منها، تقف شامخة في وجه محاولات تقويض الاستقرار وتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها. تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة حول تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، أعادت إلى الواجهة خطراً قديماً جديداً طالما تصدت له مصر قيادة وشعباً ومؤسسات، وقدمت في سبيل رفضه كل ما يُعبّر عن السيادة والكرامة الوطنية.

مصر، في ظل قيادتها السياسية الواعية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، باتت تلعب دورًا محوريًا في تهدئة الأوضاع في قطاع غزة، وتقديم المبادرات السياسية والإنسانية، في وقت تزداد فيه تعنّت إسرائيل تجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، رغم الإجماع الدولي على ضرورة تنفيذ حل الدولتين كمدخل وحيد للأمن والسلام في المنطقة.

وهنا يبرز سؤال استراتيجي: 

س : هل يمكن لمصر أن تخوض معركة الحفاظ على الأمن القومي، وتدير ملفات التهدئة الإقليمية، وفي الوقت نفسه تمضي في استحقاق انتخابي بهذا الحجم؟

ج : الإجابة ليست أحادية، لكن الأكيد أن مجلس النواب المصري القادم يجب أن يُولد من رحم اللحظة، لا من رفاهية التوقيت. البرلمان المنتظر ليس فقط سلطة تشريعية، بل هو أحد أدوات الصمود السياسي والتشريعي لمصر في معاركها القادمة، ضد أي مساس بالسيادة أو الأراضي أو الثوابت الوطنية.

في هذا السياق، فإن تأجيل أو عقد الانتخابات يجب أن يُنظر إليه من زاوية وطنية بحتة، لا سياسية ضيقة، فالمطلوب برلمان يمثل إرادة شعب في حالة يقظة تاريخية، وليس مجرد أرقام في صناديق الاقتراع.

لقد أثبتت التجارب أن مصر لا تُدار تحت ضغط، لكنها تقرأ الواقع جيداً وتتصرف بحكمة. فإذا استدعى الموقف تأجيل الانتخابات من أجل معركة أكبر تخص وجود الدولة، فلن يُعد ذلك تراجعاً، بل إعادة تموضع لصالح الوطن.

وفي الوقت نفسه، إن تمّ المضي قُدماً في الاستحقاق، فسيكون ذلك رسالة للعالم أن مصر، رغم التهديدات، ماضية في ديمقراطيتها، لا ترهبها المؤامرات ولا تُربكها التصريحات المسمومة.

في النهاية، يبقى القرار للمؤسسات المصرية السيادية، التي تمتلك وحدها الصورة الكاملة وتتحرك بإرادة شعب يدرك جيدًا أن المعركة الآن ليست على مقعد تحت القبة، بل على خريطة أمة يُراد إعادة تشكيلها.

مصر باقية، والبرلمان قادم في وقته المناسب… لا قبل ذلك ولا بعده. 

اترك تعليقاً