الشؤون السياسية الدولية – كتبت | مني السباعى
في قلب جبال الهيمالايا، حيث الثلج يُدفن تحت طلقات الرصاص، لا تزال الهند وباكستان تعيشان على حافة البركان. هناك، يمتد “خط السيطرة” أو الـ LoC كواحد من أخطر الحدود غير المرسّمة في العالم، وكمسرح مفتوح لحرب دائمة بين دولتين نوويتين، لا تهدأ بينهما البنادق إلا استعدادًا للجولة القادمة.
خط لم يُرسم.. لكنه يُطلق النار
يمتد خط السيطرة لنحو 740 كيلومتراً، يفصل بين شطرَي كشمير المتنازع عليه منذ انفصال الهند وباكستان عام 1947. ليس مجرد فاصل جغرافي، بل منطقة عسكرية مكتظة بالجنود والألغام والمدرعات، أكثر من كونها أرضًا يسكنها بشر.
أُنشئ الخط لأول مرة عام 1949 كـ”خط لوقف إطلاق النار” عقب الحرب الأولى بين البلدين، ثم أعيد تسميته بـ”خط السيطرة” بعد اتفاقية شيملا عام 1972، لكنه بقي مجرد اسم لهدنة معلّقة على فوهة بندقية.
ترسانة فوق الجبال
يُعد هذا الخط أكبر منطقة تمركز عسكري دائم في العالم، حيث تنتشر القوات الهندية بأكثر من نصف مليون جندي، بينما تحتفظ باكستان بما يقارب 200 ألف مقاتل. كلا الطرفين في حالة تأهب قصوى، مدججين بالدبابات والطائرات ومضادات الطائرات، فيما يترقب العالم انفجاراً قد يبدأ برصاصة، وينتهي بكارثة نووية.
“هدنة غير مكتوبة”.. والتاريخ يعيد نفسه
رغم توقيع عدة اتفاقيات بين نيودلهي وإسلام آباد، أبرزها اتفاقا 1949 و1972، لم يُحترم وقف إطلاق النار فعلياً إلا ضمن تفاهم ميداني غير رسمي عام 2003، اعتُبر الأكثر صموداً حتى بدأ يتآكل مجددًا في 2016.
ففي عام 2017 وحده، سُجلت 971 خروقة للاتفاق، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، لتبلغ ذروتها عام 2020 بمعدل 14 انتهاكاً يومياً. بعدها، أعادت القيادتان العسكريتان التفاهم المشترك في فبراير 2021 ببيان رسمي نادر، لتفادي انزلاق البلدين إلى صراع أوسع.
اشتعال جديد.. ووساطات عاجلة
وخلال الأيام الأخيرة، عاد التوتر مجددًا بعد اشتباكات امتدت من خط السيطرة إلى عمق البلدين، ما دفع بأكثر من 30 دولة، في مقدمتها السعودية والولايات المتحدة، إلى التحرك العاجل لاحتواء الأزمة، وهو ما أفضى إلى وقف إطلاق نار جديد تم التوصل إليه في 10 مايو الجاري.
خطر دائم بلا حل نهائي
رغم التهدئة المؤقتة، يحذر المراقبون من أن غياب آلية دولية للرقابة والردع يجعل أي اتفاق هشًا أمام رصاصة طائشة أو تصعيد مفاجئ. ويشددون على ضرورة الوصول إلى معاهدة دائمة وملزمة، تضع حداً لنزيف الأرواح والانتهاكات اليومية، في منطقة يُطلق عليها البعض اسم “أكثر بقاع الأرض استعداداً للحرب”.