ميلوني ترفض الاعتراف المبكر بفلسطين وتخالف ماكرون: أوروبا منقسمة سياسيًا

كتب | حسن النجار
في مشهد سياسي معقد يعكس الانقسام داخل أوروبا حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، جاءت تصريحات رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني لتضع حداً لأي تفاؤل بإجماع أوروبي محتمل حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
إذ أكدت في حديثها لصحيفة لا ريبوبليكا أنها تؤيد “قيام” دولة فلسطين، لكنها ترفض الاعتراف بها “قبل أن تُقام فعليًا”، معتبرة أن الاعتراف الرمزي قد يؤدي إلى نتائج عكسية ويوهم بأن الصراع قد حُسم بينما الواقع على الأرض لم يتغير.
هذا الموقف يمثل اصطفافًا واضحًا مع المعسكر الأوروبي المتحفظ، الذي يرى في أي اعتراف أحادي أو سابق لأوانه خطرًا على التوازنات الإقليمية وعلى علاقات أوروبا مع إسرائيل. وهو موقف ينسجم أيضًا مع ما صرح به وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الذي ربط الاعتراف الفلسطيني بضرورة اعتراف الدولة الفلسطينية بإسرائيل أيضًا.
في المقابل، تتبنى فرنسا بقيادة إيمانويل ماكرون خطابًا أكثر تقدمية في هذا الملف، حيث دعا إلى اعتراف مشترك من باريس ولندن بدولة فلسطين، معتبرًا أن هذا هو الطريق الوحيد لإعادة بعث أفق السلام. ويبدو أن ماكرون يسعى إلى تحريك المياه الراكدة في الملف الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة في ظل استمرار الحرب على غزة والانقسامات السياسية العميقة.
هذا التباين بين الموقفين الفرنسي والإيطالي يكشف عمق الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، ويفتح الباب أمام تساؤلات حول قدرة أوروبا على صياغة موقف موحد وفعّال تجاه واحدة من أكثر القضايا حساسية في الشرق الأوسط.
🧭 في السياق العربي:
العالم العربي يراقب هذه التصريحات الأوروبية بكثير من الحذر، حيث يُنظر إلى التردد الأوروبي في الاعتراف بدولة فلسطين كنوع من التواطؤ الضمني مع إسرائيل، أو على الأقل كعجز سياسي وأخلاقي في مواجهة الجرائم والانتهاكات التي تُرتكب يوميًا بحق الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة.
السلطة الفلسطينية من جانبها تسعى منذ سنوات للحصول على اعترافات أوروبية واسعة، آملة في أن يُسهم ذلك في خلق ضغط دولي لصالح إنهاء الاحتلال وقيام الدولة. لكن تصريحات ميلوني قد تُعقد هذا المسار، خاصة إذا ما تبعتها دول أخرى بنفس النهج.
🏁 خلاصة المشهد:
بين ميلوني التي تشترط الواقع السياسي، وماكرون الذي يدفع نحو شرعية رمزية، يقف الاتحاد الأوروبي أمام مفترق طرق: إما أن يعيد بناء موقف موحد يدعم حلاً عادلاً وشاملاً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو أن يُعمّق انقسامه ويترك فراغًا سياسيًا يُستغل لصالح الاحتلال والاستيطان.
وفي هذا السياق، تبقى العواصم العربية مطالبة بتكثيف الضغط الدبلوماسي على الشركاء الأوروبيين لتثبيت حق الفلسطينيين في الاعتراف الدولي بدولتهم، لا كمنحة مشروطة، بل كحق طبيعي غير قابل للتفاوض.