بقلم حسن النجار .. بسبب الثانوية العامة كل بيت فى مصر يعيش حرب التعليم بدءا من اختيار المدرسة الابتدائية

الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية

0

بقلم | حسن النجار 

كأنها حرب«الثانوية العامة»، هذا هو الشعور الذى يلازم الطلاب وأسرهم خلال 3 سنوات، ثم يتواصل حتى ما بعد إعلان نتائج الثانوية، حيث تبدأ مرحلة التنسيق والاختيارات والمفاضلة، كل بيت فى مصر يعيش حرب التعليم بدءا من اختيار المدرسة الابتدائية،

ويخوض حربا من «كى جى»، وقبلها، وتخطى عراقيل واشتراطات السن، والملحقات والاشتراطات، بجانب آفة الدروس الخصوصية، التى تمثل عدوى أصابت المجتمع، وصولا إلى الثانوية التى تمثل عقدة من جهات عديدة، الاختيار بين العلمى والأدبى، والدروس الخصوصية، ثم تأتى معركة الامتحانات، وتتبعها معركة النتائج والمجاميع، إلى اختيار الكلية والدراسة والمستقبل.

المصريون بكل مستوياتهم يبذلون جهدهم ويضحون ويسهرون ويخصمون من احتياجاتهم من أجل تعليم أبنائهم، وبعد الثانوية العامة والامتحانات والدرجات يأتى اختيار الكلية المناسبة، وهل تخرج طالبا يمكنه الالتحاق بسوق العمل.

وبالتالى لا تكون الثانوية مناسبة ليتنفس الطلاب وأسرهم، ويرتاح الأهل قليلا وهم يختارون مع الأبناء طريقا للمستقبل، وينظرون للمستقبل بتفاؤل، وينتهى شعور الحزن والقلق، لكن الواقع أن الرحلة تطول، ويظل عدم اليقين ماثلا فى الأذهان،

ومن حصل على مجموع كبير يريد أن يختار طريقا يضمن له مستقبلا صاعدا، ومن حصل على مجموع ضعيف يريد طريقا إلى جامعة خاصة، أو كلية تتيح له مستقبلا مضمونا.

أصل المشكلة فى التعليم أن التلميذ يعمل فى الغالب لإرضاء آخرين، الأسرة والمجتمع، وليس لإرضاء نفسه وطموحه، ويظل طوال الوقت خائفا من «بعبع» لا يعرف له ملامح، خاصة أن سوق العمل لا يرتبط

بالتقسيمات القديمة، والخيارات تتسع وتضاعف الحيرة، لدى التلميذ وأسرته، صحيح أنه لا يزال هناك ظل للتقسيم القديم كليات القمة وباقى الكليات، لكن هناك تخصصات ظهرت خلال عقود أخيرة ووجدت مكانها فى سوق العمل مثل التخصصات المعاونة الطبية والذكاء الاصطناعى وغيرها،

بينما هناك أنواع من التعليم لا تتيح لخريجيها فرصا كبرى، ومع هذا تتضاعف أعداد خريجيها، مع تخصصات حديثة تتيح لخريجيها عملا جيدا بعد التخرج، لا علاقة له بالنتيجة وطبيعة العمل.

«كليات القمة» ظلت على مدى عقود ترتبط بكليات الطب والصيدلة والأسنان والهندسة، مع الزمن جرت تغييرات على التخصصات الاتصالات أو التقنيات الحديثة،

وكليات التمريض والعلاج الطبيعى والطب المعاون والتخصصات الفنية المرتبطة بهذه القطاعات، والصناعات، وهى تخصصات تتيح فرصا، لكنها لا تحصل على تسويق، وبالتالى فنحن أمام نظام تعليم يحتاج إلى مزيد من المرونة، خاصة أن العولمة،

واختلالات السكان فى العالم تتيح فرصا للهجرة أمام أجيال من الشباب، وتجعل بعض التخصصات عابرة للدول، وهو ما يجعل فرص التنقل قائمة، لكن بالطبع فهذه السياقات تتطلب شرط اللغة، أو التدريبات والمهارات المرتبطة بالسياقات العالمية.

وحتى أصحاب التخصصات لا يعملون فى تخصصاتهم، الطبيب يمكن أن يتجه للسياحة، والمهندس إلى التجارة، والمحاسب إلى الكمبيوتر، وأغلب النماذج البارزة فى عالم البيزنس والعمل الحر لم يرتبطوا بتخصصاتهم الدراسية،

وهو أمر يتطلب نقاشا وربما مؤسسات محلية تساهم فى نشر التفكير العملى، وتقدم فرصا للتدريب وتنمية القدرات بما يسهل الاختيارات أمام الشباب.

كل هذا يجعل من تطوير وتحديث التعليم ضرورة تفرضها تحولات عالمية ومحلية، ومع أهمية مكتب التنسيق باعتباره يوفر عدالة من نوع ما، لكنه ليس كافيا لتحقيق معادلة كاملة، تسهل على الشباب الاختيارات،

وبالتالى فإن نظام القبول بحاجة إلى عناصر من الدرجات والقدرات، وخرائط تتيح الاختيار للشباب القدرة على الاختيار بين بدائل يكون لها مستقبل.

ونكرر أننا ربما ونحن ننفق كل هذه الموازنات على التعليم، يجب علينا أن ننفق على التدريب والمهارات الاجتماعية والتثقيفية، التى تمنح الشباب إمكانات اجتماعية وتضىء لهم قدراتهم، بشكل يضاعف من تنمية الثروة البشرية، وهو أمر يجب أن ينتبه له المجتمع نفسه.

اترك تعليق