بقلم حسن النجار.. الحدث واحد وهو إصابة صلاح وأيضا إصابة محمد الشناوي
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم
بقلم| حسن النجار
نعم.. منذ بطولة كأس العالم فى روسيا 2018، أى منذ 6 سنوات، وأيقونة الكرة المصرية محمد صلاح لم يغب عن صفوف منتخب مصر إلا بفعل الإصابة، عندما ارتكب مدافع ريال مدريد سيرخيو راموس،
جريمة متعمدة بإصابة صلاح فى الكتف اليسرى، عند الدقيقة 26 من عمر المباراة النهائية فى بطولة دورى أبطال أوروبا، بين ليفربول وريال مدريد،
حينها كان منتخب مصر يستعد لبطولة كأس العالم بروسيا، وأحدثت إصابة محمد صلاح صدمة عنيفة للمصريين الذين كانوا يعقدون عليه آمالا كبيرة، خاصة أن صلاح حينها كان يبلغ من العمر 25 عاما وفى أوج تألقه.
غاب محمد صلاح عن المباراة الأولى للمنتخب المصرى، فى المونديال، وعاد فى المباراة الثانية أمام روسيا وسجل هدفا، وشارك فى المباراة الثالثة أمام المنتخب السعودى وسجل هدفا أيضا،
ومنذ ذاك التاريخ، لم يغب محمد صلاح عن صفوف المنتخب بدافع الإصابة، إلا فى بطولة الأمم الحالية المقامة فى كوت ديفوار، عندما أصيب أمام غانا بشد فى العضلة الخلفية.
بينما أصيب محمد الشناوى حارس منتخب مصر الأول، فى نسخة أمم أفريقيا 2021، بعدما سقط مصابا أمام كوت ديفوار فى دور الـ16 من البطولة، بعد تعرضه لإصابة عضلية أبعدته عن بقية المباريات حينها،
ليحل مكانه البديل محمد أبو جبل، وتحمل المسؤولية وتألق مع الفراعنة حتى المباراة النهائية، قبل أن يخسر المنتخب اللقب فى مباراة دراماتيكية أمام السنغال بركلات الترجيح.
وفى النسخة الحالية لبطولة الأمم الأفريقية، أصيب الشناوى إصابة ثقيلة، خلع فى الكتف، على أثرها ترك المعسكر وتوجه إلى ألمانيا وأجريت له الجراحة بالمنظار، ومن المتوقع أن يغيب الشناوى عن الملاعب مدة لن تقل عن 4 أشهر.
محمد صلاح وبعد 6 سنوات من مشاركته مع منتخب بلاده، بشكل دائم، فإنه أصيب أمام غانا بشد فى العضلة الخلفية، وطالب ناديه ليفربول بضرورة العودة إلى إنجلترا، بهدف علاجه،
وما إن يتمكن من التعافى، سيعود للمنتخب فى حالة وصوله إلى المباراة النهائية، وهنا قامت الدنيا ولم تقعد،
وخرج أتباع تماثيل العجوة الذين يتبنون مشروعات ليست لها علاقة بالرياضة بشكل عام، ولعبة كرة القدم بشكل خاص، ووضعوا أياديهم فى أيدى تنظيم الحَاقدين والفاشلين،
الكارهين لكل ما هو ناجح، وسنوا سكاكينهم للتقطيع فى محمد صلاح، واتهامه بالهروب، والتخاذل، بينما رأينا هؤلاء أنفسهم يصمتون أمام سفر محمد الشناوى إلى ألمانيا ومغادرته لمعسكر المنتخب، عقب إصابته، لإجراء جراحة عاجلة.
الحدث واحد، وهو إصابة محمد صلاح وسفره لتلقى العلاج فى إنجلترا، بناءً على طلب عاجل من ناديه، وأيضا إصابة محمد الشناوى ومغادرته معسكر المنتخب وتوجهه إلى ألمانيا لتلقى العلاج،
لكن المكيال هنا تغير وتبدل، فبينما السكاكين سُنت للإجهاز على أيقونة الكرة المصرية محمد صلاح، لتقطيعه وتشويهه،
كانت الدعوات والابتهالات والدعم والمساندة لحارس الأهلى والمنتخب محمد الشناوى! نحن هنا لا نعضد لاعبا، على حساب آخر، ولكن نكشف هؤلاء المنحطين أصحاب الهوى والغرض،
والذين يمتلكون مائة مكيال، يكيلون بها الحدث الواحد المتشابه إلى حد التطابق، وفق مصلحتهم الشخصية، متناسين قول الله تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
الآية توضح العذاب والخسارة اللذين توعد الله بهماِ المطففين، ثم بين من هم المطففون، فقال: «الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ»، إذا كانت لهم حقوق على الناس أخذوها وافية لا ينقص منها شىء،
وإذا كانت للناس عليهم حقوق فإنهم ينقصونها ويبخسونها ولا يعطونهم حقوقهم كاملة، سواءً كان هذا فى الكيل أو الوزن،
أو كان فى غير ذلك من سائر المعاملات، والله – جل وعلا – أمر بإيفاء المكاييل والموازين: «وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً».
ونقولها بوضوح، لا شىء صعبًا فى هذا العالم، أصعب من قول الحق، ولا شىء أسهل من التملق والنفاق، والسير فى ذيل القطيع، وأن القطعان، زاد عددها، كل قطيع حسب توجهه،
والمحترمون الشرفاء يخشون القطعان وأصواتها العالية وافتقادها لكل فضائل الصدق وقول الحق، واحترام الاختلاف، وشرف الخصومة؛ لذلك يتوارى الشرفاء ويؤثرون الصمت، احتراما لذواتهم، فتضيع الحقيقة، وتُدهس تحت وطأة البجاحة وغلظ العين!
أما الجهلة والأغبياء يَسخرون مما لا يستطيعون فهمه، والفشلة يَسخرون ويسفهون ويشككون فى قدرات ونجاحات ممن لا يستطيعون أن يكونوا مثلهم، أو يحققون بعضا مما حققوه، هذا ما يحدث مع محمد صلاح، الذى رفض أن «يتأخوَن» فقرروا «تخوينه»!