بقلم حسن النجار.. المواطن في المقام الأول من اهم اولويات الحكومة الجديدة
بقلم – حسن النجار
ليس هناك خلاف حول شخص الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المستقبل، والمكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، فالرجل الذي احتفل بعيد ميلاده الـ58 يوم 28 أبريل الماضي،
يتميز بالهدوء وبالكفاءة العالية، والثقة في النفس وفي حسن الإدارة، وإنجاز المهام في كافة المناصب التي تولاها منذ حصوله على بكالوريوس الهندسة المعمارية من جامعة القاهرة عام 1988، وحصوله على الماجستير في فلسفة الهندسة المعمارية، والدكتوراه في تخطيط المدن.
فالدكتور مصطفى مدبولي يحمل سيرة مهنية وعلمية معتبرة، واكتسب خبرة العمل والإدارة في الحكومة منذ أكثر من 20 عاما، ليصبح مؤهلا لتولي منصب رئيس وزراء مصر رقم 125 منذ تأسيس النظام الإداري والحكومي في مصر في النصف الثاني من القرن العشرين،
وتولى أول رئيس للوزراء – أو النظار كما كان يسمى وقتها- في مصر وهو نوبار باشا.
الخلاف هنا على رئيس الوزراء القديم الجديد أو التباين في الآراء حول خطاب تكليفه بتشكيل الحكومة الثانية له، هو تباين ونقاش حول طبيعة الأداء السياسي والاقتصادي لحكومة الدكتور مدبولي الأولى،
وتقييم الناس له منذ 2018 وحتى الآن، وما شهدته من عدة تغييرات وتعديلات في الحقائب الوزارية.
المؤيدون للتكليف الجديد يعتبرون وفقا للغة الأرقام والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لحكومة الدكتور مدبولي الأولى، بأنه حقق نجاحا لافتا، واستطاعت الحكومة خلال السنوات الست الماضية رغم التحديات الصعبة التي مرت بالبلاد والعباد،
العبور بأمان بالاقتصاد المصري وبخسائر مقبولة، تحملها وتفهمها الشعب المصري وخاصة مع جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ثم الأحداث في السودان وليبيا، وأخيرا الحرب الإسرائيلية على غزة وتداعياتها السلبية على الاقتصاد المصري،
إضافة الى الأزمات الاقتصادية العالمية والتي أضرت باقتصاديات كبرى مثل فرنسا وانجلترا والولايات المتحدة، وحقق الاقتصاد المصري معدلات نمو بشهادة المؤسسات الدولية المعنية جاوزت في بعض الأحيان نسبة الـ5% وشهدت مصر خلالها إنجازات لافتة في مجالات عدة وخاصة مشروعات البنية التحتية وتطوير وتحديث الموانئ والمطارات وانشاء المدن الجديدة والزراعة ومحاولات توطين الصناعة.
إنجازات لا يمكن التشكيك فيها أو عدم الاعتراف بها والتقليل منها، وإنما الإشادة بها وبتأثيراتها الإيجابية على الاقتصاد المصري وجذب ثقة المؤسسات الدولية المعنية، بما ساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية.
وبحسب المؤيدين فإنه لولا تلك الأزمات الخارجية السياسية والأمنية لحقق الاقتصاد المصري نجاحات كبيرة، ومعدلات نمو تتجاوز الـ7%. كما أن استمرار الظروف الأمنية والسياسية الإقليمية ترى القيادة السياسية ضرورة استمرار مدبولي في رئاسة الحكومة.
على الجانب الآخر أثار البعض تساؤلات حول استمرار الدكتور مدبولي للحكومة الثانية، وما تسببت فيه حكومته الأولى من أزمات اقتصادية داخلية.
ما بين المؤيدين والخائفين تبرز التحديات الكبرى أمام الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في الواجهة، منها استعادة ثقة المواطنين في الحكومة من خلال سياسات واضحة لتخفيف الأعباء عنهم،
وكماء جاء في خطاب التكليف الرئاسي “بمواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق”.
الثقة بين الحكومة والمواطن لن تتأتى إلا من خلال سياسات اقتصادية بعيدا عن إرهاق المواطنين، وبالإدارة الفاعلة وغير التقليدية للموارد المهملة في الدولة،
وحسن استغلالها، ووضع أولويات الصناعة والزراعة وزيادة الإنتاج وتقليل فاتورة الاستيراد على رأس أولويات الحكومة الجديدة،
بما يساهم في دعم وتقوية العملة المحلية في مواجهه العملات الأجنبية، وبالتالي استقرار الأسواق والأوضاع الاقتصادية، مع التوقعات بتحسن الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة.
هناك مطلب ضروري بإصلاح إداري شامل يساهم في تنمية اقتصادية حقيقية ويخفف من أعباء المواطن ويقضي على الترهل الحكومي. فهناك حاجة لإعادة الهيكلة الوزارية والإدارية.
فلسنا بحاجة إلى كل هذا من الحقائب – 33 حقيبة وزارية في مصر- في ظل هذه التحديات الصعبة.
فأكبر دولة اقتصادية في العالم وهي الولايات المتحدة الأميركية بها 16 حقيبة وزارية فقط، والصين 26 حقيبة. فمصر من أكبر الدولة في عدد الحقائب الوزارية وان لم تكن الأكبر بالفعل.
الهيكلة أو الثورة الإدارية المطلوبة تحقق عدة أهداف منها، رفع كفاءة اداء موظفي الجهاز الحكومي وربط الأجر بالإنجاز ، وتصحيح هيكل رواتب واجور الدولة، وتحقيق مطالب ومصالح الموطن من خدمات حكومية وتحسين مستويات المعيشة،
ورفع معدلات “جودة الاداء الحكومي” في التعاطي مع القضايا الاقتصادية الهامة، والقضاء على البيروقراطية والفساد الإداري والرسوب الوظيفي، وترشيد “الإنفاق الحكومي” الفعلي والحقيقي في وجود نظام رقابي فاعل ومتطور.
التغيير المنشود ليس في الأشخاص فقط وضخ الدماء الجديدة والأفكار الجديدة وإنما في السياسات التي تنفذ لصالح السيد المواطن في المقام الأول.