بقلم حسن النجار .. اختيار القاهرة مكان لمباحثات الهدنة يعكس دور مصر وتقدير دورها المستمر
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون الساسية
بقلم | حسن النجار
نعم .. تعقد فى القاهرة، خلال أيام جولة المباحثات الثانية، بهدف الوصول لهدنة فى حرب غزة، فكون استمرار المفاوضات هو مؤشر إيجابى على حدوث تقدم نسبى يمكن استكماله، واختيار القاهرة كمكان للمباحثات، يعكس تقدير دورها المستمر للتوصل للهدنة، خاصة أن الإطار الكبير الذى تدور حوله المفاوضات هو أفكار مصرية بالأساس.
ومع ذلك، فإن حسابات بعض الأطراف المشاركة فى مباحثات الهدنة تبدو متناقضة، وسوف تلقى بظلالها على نتائجها.
على سبيل المثال، هناك الولايات المتحدة وحساباتها ترتبط بالأساس بظروف حملة الانتخابات، التى تدور الآن، فمن ناحية تريد إدارة جو بايدن تحقيق انتصار دبلوماسى فى الشرق الأوسط يساعد نائبة الرئيس كاميلا هارس فى الوصول للبيت الأبيض، ويضمن أصوات الشباب والعرب الأمريكيين فى الانتخابات المقبلة.
ويرتبط بالحسابات الانتخابية التخوف من تورط عسكرى أمريكى فى حالة اتساع حرب غزة، وبدأت هجمات من إيران ووكلائها على إسرائيل.
الولايات المتحدة أرسلت أساطيل وطائرات إلى المنطقة تحت عنوان الدفاع عن إسرائيل، ولكن هذا الوجود العسكرى الأمريكى الكثيف يعكس أيضا عدم ثقة إدارة بايدن فى رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو،
التى قد تورط الولايات المتحدة فى حرب شرق أوسطية جديدة، وهو أمر تسعى لتجنبه، لأنه سيقضى على أى فرص للديمقراطيين فى الانتخابات المقبلة.
يبدو أن هناك تفهمات أمريكية إيرانية بأن التوصل لهدنة فى غزة قد يمنع الرد الانتقامى الإيرانى على إسرائيل، وبالتالى يحول دون التورط الأمريكى فى حرب بالمنطقة.
ابرز التصريحات العالقة من مفاوضات الهدنة بغزة في جلسة الدوحة – تفاصيل
يبدو أيضا أن إيران من مصلحتها عدم توسيع الحرب ودخولها كطرف فيها، لأن هدفها الاستراتيجى هو الحفاظ على برنامجها النووى والاستمرار فى تطويره، وتخشى أن تؤثر الحرب عليه، لذا لا تمانع فى أن تقايض الهدنة بتهدئة إقليمية.
ونأتى لحسابات رئيس الوزراء الإسرائيلى نتانياهو، فمن ناحية هناك ضغوط الجنرالات وأسر الرهائن للتوصل لهدنة، ولكن هناك أيضا ضغوط الأحزاب اليمنية المتطرفة فى حكومته،
التى تهدد بالانسحاب وإسقاط الحكومة لو تم التوصل لهدنة، مما قد يؤدى لبدء لحظة حساب نتنياهو، سواء فيما يتعلق بالمسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر، أو قضايا الفساد التى سبقت ذلك.
ولكن هناك حسابات أخرى لنتنياهو، منها عقيدته السياسية التى ترفض أى حل سياسى يؤدى لإنشاء دولة فلسطينية، وهو يدرك أن توقف الحرب سوف يؤدى إلى زيادة الزخم السياسى الدولى المطالب بإنشاء هذه الدولة، وبالتالى لا يريد الحرب أن تنتهى.
اقراء ايضا | جهود مصر الانسانية لا تتوقف تجاه الشعب الفلسطيني منذ اندلاع الحرب علي قطاع غزة
وهناك أيضا التزايد فى شعبية نتنياهو بعد عمليات الاغتيال الأخيرة ضد قادة من حماس وحزب الله. ويعول نتنياهو على تصاعد هذه الشعبية مع استمرار الحرب، وينتظر اللحظة المناسبة التى قد يعلن فيها عن حل الكنيست الإسرائيلى، والدعوة لانتخابات جديدة يكسب فيها 4 سنوات أخرى فى الحكم.
باختصار حسابات هدنة غزة لا ترتبط فقط بصعوبة قضايا التفاوض، ولكن أيضا بتعقد وتباين أهداف ونوايا الأطراف المتفاوضة.