بقلم حسن النجار.. فاز ترامب بالرئاسة الامريكية .. ورئيسُ الحكومة العِبريَّة يُقيلُ وزيرَ دفاعه وسط أجواء الحرب
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم عضو المكتب الفني للشؤون السياسية
بقلم | حسن النجار
فاز دونالد ترامب. وبينما يختمرُ الفوز على ساحل الأطلنطي، كان بنيامين نتنياهو يستكملُ مقاديرَ طبختِه السيِّئة على شاطئ المُتوسِّط. انقلابٌ كبير فى السياسة الأمريكية من دون شَكٍّ،
وآخرُ لا يقلُّ عنه حِدّةً فى إسرائيل. الرئيسُ السابق يعودُ مُجدَّدًا إلى البيت الأبيض على غير هوى النخبة وقلب الدولة الصُّلب، ورئيسُ الحكومة العِبريَّة يُقيلُ وزيرَ دفاعه وسط أجواء الحرب، وبقدر عالٍ من التحدِّى للمُؤسَّسة العسكرية والأحزاب والشارع.
يأتى فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية لافتًا إلى العديد من المؤشرات التى تختص بقطاعات مختلفة،
فمنها السياسية فى ظل دور واشنطن المفترض فى كثير من القضايا والصراعات والحروب التى يشهدها العالم، وأيضًا الاقتصادية وتحديدًا فيما يختص بالداخل الأمريكى،
- اقرا ايضا | بقلم حسن النجار .. هل يسعى نتنياهو لافتعال حرب جديدة مع مصر .. او انتهاء الحرب وتبادل الرهائن وعودة السلام
إضافة إلى الإعلامية التى يجب عدم إغفالها والاهتمام بدراسة تأثيراتها المختلفة فى ظل عالم بات رقميًا بالدرجة الأولى، يبتعد يومًا بعد يوم عن كل ما هو تقليدى.
وقد تحدثت من قبل حول اعتبار الانتخابات الأمريكية بمثابة اختبار للسوشيال ميديا، ومدى تأثير استخدامها وتوظيفها سياسيًا على الرأى العام، وقدرتها فى كثير من الأحيان على الوقوف ندًا صلبًا فى مواجهة وسائل الإعلام التقليدية، حيث تحررها من قيود كثيرة تجعلها أكثر تأثيرًا فى قاعدة جماهيرية كبيرة من المستخدمين.
ولعل الملياردير الأمريكى إيلون ماسك، صاحب موقع “X” – تويتر سابقًا – راهن على نجاح سياساته الداعمة لـ”ترامب” عبر منصته الشهيرة، من خلال تغريدات عبر حسابه الشخصى،
وأيضًا دعم حسابات المرشح الجمهورى الرسمية، والداعمة له، بالإضافة إلى تزعُمه لدور الإعلامى عبر مساحة مُشتركة دعا فيها “ترامب”، وقد حرص الملايين على حضورها “لايف”،
للتعرف بشكل أقرب على البرنامج الانتخابى لـ”ترامب” وسياساته المتوقعة تجاه كثير من الملفات والقضايا، وهو الأمر الذى مثل حينها نقطة تحول كبيرة فى مسار الدعاية الانتخابية لدونالد ترامب، خاصة أن “ماسك” وجه دعوة مماثلة لكامالا هاريس، والتى لم تعلن عن موقفها بشكل واضح فى هذا الأمر.
وفى الوقت الذى اعتمدت فيه المنافسة الديمقراطية، على مشاهير “هوليوود” سواء القدامى، أو من جيل “Z”، كما جرت العادة للديمقراطيين، ظل “ترامب” معتمدًا على منصاته عبر السوشيال ميديا، إضافة إلى دعم “ماسك” والذى يعد رقمًا صعبًا فى مجال التطور الرقمى.
ويبدو أن “ماسك” يعمل على تعظيم دور “X”، مدركًا أهمية مثل هذه المنصة فى المجال الإعلامى، فقد جاءت من ضمن تغريداته بعد إعلان فوز “ترامب”: “You are the media now”، والتى تؤكد على أن فكرة “ماسك” بدعوة “ترامب” لمساحة مشتركة عبر منصته، كان لإعلان أنها دائمًا ستظل بديلًا لأى وسيلة إعلامية تقليدية تحاول توجيه الرأى العام، بعيدًا عن الرغبات الشعبية،
وقد تجاوب معه كثير من متابعيه على هذه التغريدة، معربين عن سعادتهم بنجاح “ماسك” فى التأكيد على حرية الخطاب الإعلامى، وأن “ما قام بدفعه من 44 بليون دولار، فى سبيل الاستحواذ على تويتر، لم يكن فقط فى سبيل الحصول على المنصة الشهيرة، وإنما جاء لتحرير الخطاب الإعلامى”.
ولم يتوقف دعم “ماسك” لـ”ترامب” فقط عبر السوشيال ميديا، وإنما أيضًا جاب عددا من الولايات المهمة فى مسار الانتخابات الأمريكية للحشد للمرشح الجمهورى، لافتًا فى جولاته جميعها إلى أن “ترامب” الخيار الأفضل لإنقاذ الديمقراطية فى الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب تعبيره.
ومن المتوقع أن يكون “ماسك” لاعبًا مؤثرًا فى السياسات الأمريكية خلال ولاية “ترامب” المقبلة، فعلاقاته متشعبة مع كثير من الدوائر السياسية فى مختلف أنحاء العالم، وربما تكون الصين واحدة من أكبر المستفيدين من دور “ماسك” الجديد، فهو الرئيس التنفيذى لشركة “تسلا”،
والتى يتم تصنيع ما يقرب من نصف سياراتها الكهربائية فى الصين، وهو ما دفع بعض التحليلات السياسية خلال الأشهر الماضية للحديث حول إمكانية أن يكون “ماسك” وسيطًا بين الصين وواشنطن فى التجارة والمجالات التكنولوجية فى حال فوز “ترامب”.
والآن نحن فى انتظار إيفاء “ترامب” بوعوده، والتى من ضمنها أنه مع فوزه سيقوم بتنفيذ مقترح لـ”ماسك” بتأسيس لجنة كفاءة حكومية، لتولى مهمة إجراء مراجعة للحسابات المالية والأداء للحكومة الفيدرالية،
على أن يترأسها الملياردير الأمريكى، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة من المتوقع أن تعمل على توفير التريليونات من الدولارات، حيث القضاء على كل صور الاحتيال والمدفوعات المهدرة.
مما لا شك فيه، فنجاح “ترامب” ينبئ بأن “ماسك” سيحقق العديد من المكتسبات خلال الفترة المقبلة، على كل الأصعدة الاقتصادية والتجارية والإعلامية، والتى من المؤكد ستجعل اسمه يتردد فى كثير من الدوائر السياسية والاقتصادية المهمة حول العالم.