بقلم حسن النجار: الرئيس ترامب ليس لطموحاته وأطماعه حدود كما أنه رئيس بغير كتالوج 

الكاتب الصحفي والمفطر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية

0 97
الكاتب الصحفي حسن النجار
المفكر السياسي حسن النجار

بقلم | حسن النجار  

إن متابعة مواقف ترامب التى تضمنتها سياسته الخارجية تتفق مع الإحساس المبالغ فيه بالذات والإحساس المتضخم بقوة الولايات المتحدة الأمريكية عسكريًا واقتصاديًا، كل ذلك يفتح أبواب الجحيم لا على الشرق الأوسط وحده كما زعم القادم الجديد للبيت الأبيض ولكنه يتجاوز ذلك إلى زرع المخاوف فى كل مكان، وخلق شعورٍ دولى عام بأن القوة هى المعيار الوحيد أمام مستقبل العلاقات الدولية المعاصرة،  

وأن القانون الدولى والأعراف المستقرة والتقاليد التاريخية التى كانت تشكل فى مجملها الأعصاب المؤثرة فى الدبلوماسية الدولية لن يكون لها وجود، وأن البديل قد لا يبتعد كثيرًا عن أنماط تاريخية شهيرة للبلطجة السياسية وسياسة فرض الأمر الواقع عند اللزوم،  

وإعادة تصنيف البشر عبر درجات مختلفة تخضع للأصول والأعراق والألوان والديانات، ومن عجب أن الرجل الذى يملك القرار الرئاسى فى أكبر قوة اقتصادية وعسكرية فى العالم هو شخصٌ أحادى التفكير متطرف النزعة لا يبالى بردود الفعل ولا يهتم بحقوق الشعوب ومصائر الأمم، إننا أمام نموذج متفرد من القادة الذين يدفعون بالبشرية إلى التهلكة دون وعى،  

ويضعون العالم على حافة الهاوية فى ظل حالة من الإثارة السياسية واستخدام الميول الاستعراضية لنشر القلق وزرع الخوف وخلق أجواء من عدم الثقة والصراع المحموم بين القوى المختلفة على امتداد خريطة الكون،  

الذى يتصور ترامب أنه حاكمه الفعلى وأنه صاحب القرار الأعلى فى كل المناسبات على نحوٍ يجعله يتخد من المواقف ما يبدو غريبًا بل وغير مفهوم أحيانًا، ولعلنا هنا فى العالم العربى نتوقع أن تكون له صولات وجولات فى الشرق الأوسط وغرب آسيا بل وإفريقيا والشرق الأقصى ناهيك عن الموقف المتسلط تجاه أوروبا، وهنا يجدر بنا أن نطرح الملاحظات الآتية:  

  • أولاً: إن ترامب ليس جديدًا على العالم العربى والذى عرفه من خلال منظور مالى وتجارى، وأدرك مبكرًا أن عقدة الخوف تحكم المنطقة العربية نتيجة الإحساس بالنيات الشريرة والرغبات المكتومة التى تسمح للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بأن تلعب دور شرطى العالم، 

 فهى التى تضع القواعد وتصدر الأحكام وتحدد إطار الشرعية الدولية كما أنها تسيطر على مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من المفاتيح المعاصرة لأبواب الحياة السياسية والدبلوماسية فى العالم.  

ثانيًا: لا تخلو نظرة ترامب الحالية للعرب من مسحة ازدراء وشبهة أطماعٍ بلا حدود، واستكثار للثروة التى بدأت بالنفط فى المائة عام الأخيرة، ذلك أن شهية البيت الأبيض وحاكمه الجديد تطمع فى نوع من السيطرة المالية والتجارية على شعوب العالم العربى بدعوى حمايتها والحفاظ على أمنها،  

بل إن بعض رحلات ترامب للمنطقة سوف تكون بمثابة نوع من الجباية وابتزاز الشعوب العربية والحصول على حدٍ أقصى مما يستطيع الحصول عليه، ولقد بدت البوادر على المستوى العالمى، فالرجل من قبل أن يؤدى اليمين الدستورية بدأ بتهديد جزيرة جرينلاند وهى محاولة أمريكية قديمة فشلت من قبل ولكنه تجاوزها لتمتد طوحاته وأطماعه إلى دولة كبرى هى كندا، 

 وهنا لابد أن نقول إن الرئيس ترامب ليس لطموحاته وأطماعه حدود، كما أنه رئيس بغير كتالوج، فتاريخه السياسى ليس طويلاً ولكن أطروحاته جامدة وأفكاره تميل إلى التشدد والتعصب وإرهاب الآخرين وتخويف الدول الصغيرة. 

 إن أسباب التفاؤل تبدو قليلة أمام مرحلة وصول ترامب للسلطة، فسوف يتمكن من زرع القلاقل ونشر المخاوف بدءًا من أوروبا مرورًا بالدول الآسيوية والإفريقية واللاتينية بالطبع، فضلاً عن رغبته فى استخدام عنصر المفاجأة وحرمان الأطراف المقابلة من القدرة على التنبؤ بخطواته القادمة، ولعل من أهم مكوناته الشخصية البعد العنصرى فى توجهاته سواء كانت دبلوماسية أوسياسية أو عقائدية.  

  • ثالثًا: إن الرئيس ترامب كما نعلم رجل أعمال سابق لا يؤمن إلا بمنطق المكاسب ويرفض الخسارة حتى لو اضطر للجوء إلى القوة واستخدام الأساليب العنيفة عند اللزوم، وهو يعتمد على أكبر ترسانة سلاح فى العالم المعاصر وأقوى دولة صناعية على الأرض، وهكذا فنحن أمام قوة هائلة ليس أمامها أى رادع قانونى أو نموذج سياسى يتمكن من الرد والردع عند اللزوم،  

وأنا لا أستبعد أبدًا أن يقوم حاكم البيت الأبيض الجديد بممارسات عدوانية فى البداية لإرهاب الأطراف الأخرى حتى إن استظل بمظلة التسوية والتهدئة مع روسيا الاتحادية بل والصين أيضًا،  

ولا أستبعد أن يفتح سيد البيت الأبيض ملفًا جديدًا حول الممرات المائية وهو الملف الذى بدأت بوادره فى دعوته إلى سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية الكاملة على قناة بنما. إننا أمام نظام جديد ربما لم نعرف له مثيلاً من قبل. كل ذلك يدعو إلى ضرورة استعادة الوعى القومى والإيمان بالذات ورفع سقف التوقعات السلبية للمستقبل القادم على الساحتين الدولية والإقليمية. 

اترك تعليق