بقلم حسن النجار: الرئيس يراهن على وعي الشعب وخطابات تبوح بالحقيقة
الكاتب الصحفي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية
بقلم | حسن النجار
الثقة المتبادلة بين السيسي والمصريين وراء تحقيـق العبـور الصـعب وإفشال مخططات إسقاط الدولة
الفهم والوعي والاستعداد.. ثلاث كلمات يكاد لا يخلو منها أى خطاب أو حديث من أحاديث الرئيس عبد الفتاح السيسى فى جميع المناسبات التى يشارك فيها سواء محليا أو دوليا، وذلك منذ اللحظة الأولى لتوليه المسئولية فى الأول من يونيو عام 2014، وكانت بمثابة العمود الفقرى لجميع أحاديثه وكلماته ومداخلاته.
فعلى مدى سنوات، لا تزال محاولات هدم الدولة من الداخل مستمرة عبر عشرات الآلاف من الشائعات والأكاذيب وحملات التشكيك والتضليل الممنهجة والممولة، ولا تزال أيضا ثقة الرئيس السيسى فى أن قدرة الشعب المصرى على الفرز كبيرة وهى القدرة التى حافظت على بقاء الدولة وصمودها أمام أعتى المخططات.
والمتابع الجيد لكلمات الرئيس، سواء خلال الافتتاحات أو الندوات التثقيفية أو الحوارات مع الإعلاميين، أو حتى فى تدويناته بمنصات التواصل الاجتماعى، يجد أن الرئيس يضع جيدا هذا الأمر نصب عينيه، ويهتم به بشكل خاص باعتبار أن الفهم السليم والوعى بما يدور من كواليس داخل الغرف المظلمة،
وكذلك الاستعداد واليقظة المستمرة، هى الأسلحة التى لا يمكن شراؤها ولكنها تولد فى وجدان وضمير كل فرد من أبناء المجتمع وتنمو معه بالفطرة السليمة وبالتربية والتعلم بالممارسة والاستفادة من أخطائنا وأخطاء الغير حولنا.
وبعد عامين فقط من توليه السلطة، كشف الرئيس السيسى فى حوار تليفزيونى عن أن مصر دفعت ثمنا كبيرا فى سبيل استعادة استقرارها وأن المصريين تحملوه، لافتا إلى أن الوعى الكبير للشعب المصرى وعدم استجابته لمحاولات تأليبه، كان الصخرة التى تحطمت فوقها أوهام ومخططات أهل الشر.
وعرف الرئيس آنذاك «أهل الشر» بأنهم كل من يسعى للإساءة لمصر، شعبا ودولة، أو يحاول عرقلة مسيرة مصر، وأكد أن المصريين يعلمون جيدا من هم أهل الشر داخليا وخارجيا، وقال إنه طالما الشعب المصرى «وحدة واحدة» لا نخاف.. وإنما نقلق فقط إذا لم يكن الشعب المصرى على قلب رجل واحد.
وبالتأكيد، فإن إدراك الرئيس السيسى المبكر بأهمية إبقاء المصريين على يقظة تامة فى معركة الوعى، وتصدر قضية الفهم فى خطابه لم يكن مصادفة، ولكنه كان نتيجة قراءة متعمقة لما لديه من معلومات، ومن ثم استشرافه ما يحاك من مخططات ضد مصر خاصة والمنطقة بوجه عام.
والمتتبع للبيانات الرسمية الصادرة من مركز معلومات مجلس الوزراء سوف يكتشف أن الدولة المصرية تعرضت على مدى السنوات الأخيرة إلى عشرات الآلاف من الشائعات والحملات الممنهجة لتزييف الحقائق وتأليب الرأى العام وتسفيه أى إنجاز وتحقير ما يتم تحقيقه على أرض الواقع لدفع الناس للخروج مرة أخرى بعد 2011، وهو الكم الذى لا يمكن أبدا التصور معه أن يصمد أمامه أى مجتمع إلا مجتمع فى وعى وفهم المصريين.
والتحذير المتكرر فى خطابات الرئيس من خطورة غياب الوعى له دلالات كثيرة تعكس اقترانه بالحفاظ على الوطن والتصدى للمؤامرات والشائعات،
ويتجلى ذلك بوضوح من خلال حرص الرئيس الدائم على تسليط الضوء على جهود التنمية التى سجلت فيها الدولة معدلات غير مسبوقة، ففى كلمته خلال إطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عام 2021 قال الرئيس:
إن الوعى والتنمية العالية للفكر هما أساس بناء المجتمع، حيث لا يمكن أبدا إغفال هذه الأسس التى يقوم عليها بناء المجتمعات، مشيرا إلى أن الدولة المصرية واجهت منذ عام 2011 تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية، إلى جانب تحديات كثيرة أخرى.
وأضاف الرئيس أن ما حدث عام 2011 كان بمثابة شهادة وفاة للبلاد نتيجة التحديات الكثيرة التى وقفت أمامنا وقتها، حيث كنا نواجه عنصرا ظل 90 عاما ينخر فى عقل الإنسان المصرى ولكن الدولة واجهته بحركة تنمية عالية.
وتابع الرئيس السيسى أنه أخبر أحد الإعلاميين والصحفيين فى لقاء بهم بعد أحداث 2011، بأن الدولة أمامها تحديات كثيرة كان من الممكن التعامل معها لو كان تعداد الدولة من 20 إلى 30 مليون نسمة،
ولكن دولة تعدادها آنذاك كان حوالى من 80 إلى 90 مليون نسمة فى ظل عدم وجود نمو فى ظل جماعة عمرها 90 عاما مستمرة فى النخر بعظام وعقل ووعى المجتمع، فكان الأمر صعبا جدا.
وأضاف أن إطلاق التصريحات والشعارات الرنانة أمر سهل ويسير، لكن الأهم هو تحويل تلك التصريحات إلى ممارسات فعلية.
كما كانت لحظات صعبة وفارقة، وُضعت الدولة المصرية خلالها فى مفترق طرق.. إما أن يبقى الوضع المتردى على ما هو عليه، أو قرارات صعبة لم يجرؤ أحد على اتخاذها لولا وجود وعى حقيقى ومعرفة بحقيقة الأمور وكذلك استعداد كامل لمواجهة الصعوبات المترتبة عليها،
ففى عام 2019 خلال مداخلة فى جلسة (محاكاة الدولة المصرية) بالنسخة السابعة لمنتدى الشباب بالعاصمة الإدارية الجديدة،
أكد الرئيس السيسى أنه اتخذ إجراءات حازمة وصعبة للحفاظ على الدولة من الانهيار والضياع، ولفت إلى أن ثقته فى الشعب المصرى ووعيه كانت هى المحرك الأساسى لاتخاذ مثل هذه الإجراءات الصعبة لإطلاق مسيرة الإصلاح الاقتصادى الضرورية .
وقال إن الدولة كانت فى مرحلة انهيار وضياع وكان لا بد من اتخاذ إجراءات هدفها تحسين الوضع والعبور بالدولة إلى مرحلة الأمان وهذا ما حدث، وأضاف أن الدولة اتخذت إجراءات حازمة فى ظل ظروف غير طبيعية وصعبة جدا نتيجة لمرور الدولة بثورتين خلال 3 سنوات تقريبا.
وأشار وقتها إلى أنه حينما اجتمع بالحكومة لاتخاذ هذه الإجراءات الحازمة والضرورية كان أعضاء الحكومة يرفضون هذه الإجراءات، قائلا: «اتخذت هذه الإجراءات ثقة فى وعى الشعب المصرى وحفاظا على الدولة، وراهنت على ذلك وقد نجحنا فى هذا».
وأضاف أنه تحدث لأعضاء الحكومة وقتها قائلا: «إذا رفض الشعب هذه الإجراءات ستقدم الحكومة استقالتها وسأدعو لانتخابات رئاسية مبكرة وأسلم البلد لأحد آخر، مؤكدا أن قراره هذا كان نابعا من حرصه على بناء دولة حقيقية وقد نجحت إرادة الشعب مع الحكومة فى تحقيق العبور الصعب».
ولم يغفل الرئيس السيسى دور الدراما والتعليم والإعلام والأسرة والجامع فى بناء الفهم السليم والوعى، فخلال إحدى مداخلاته التليفزيونية منذ أكثر من 5 سنوات أكد أن من أساسيات نشر وبناء الوعى الصحيح، أن التعليم الصحيح لا يكمن فى تحصيل الدرجات فقط، بل يكمن فى تكوين وعى وفكر صحيح،
موضحا أن التعليم لا يعنى فقط النجاح والحصول على 90%، بل أن تكون قادرا على التفكير الصحيح، وأن الدراما قادرة على ترجمة الوعى بشكل كبير، كما أنها أكثر تأثيرا على الجمهور ووعيه،
وكذلك فإن تجديد الخطاب الدينى لابد أن يكون مستمرا لمواكبة التطور، موضحا أن هناك ثوابت فى الدين لا تتغير لكن يمكن مناقشة أمور فقهية لتتناسب والتطور الحضاري.
وفى لقائه الأخير بطلبة وطالبات الكليات العسكرية بمقر الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحدث الرئيس السيسى أيضا حول الوعى السليم باعتباره السلاح الأهم والموضوع المتواصل الذى لا ينقطع،
حيث أكد الرئيس أن هناك الكثير من التطورات التى تحدث بالمنطقة، سواء تطورات الحرب فى غزة أو التطورات الموجودة على حدود مصر المختلفة، أو حتى فى المنطقة عموما، وهو ما يستدعى دائما أن نكون فى أعلى درجات الفهم والوعى والاستعداد وهو ما لن يتم اكتسابه إلا بالعمل الشاق.
فى النهاية، فإن حكمة الرئيس السيسى تمثلت بجلاء خلال السنوات العشر الأخيرة فى إصراره على تعزيز الوعى الوطنى لدى المصريين، وتحذيراته المستمرة من المخططات التى تحاك ضد مصر ودول المنطقة،
وقد لمسها المصريون على أرض الواقع، فأصبحوا على وعى بالخطر، واصطفاف ضد من يحاول العبث بأمن الوطن، ودعم للقيادة السياسية فى استكمال مسيرة التنمية والبناء.
حفظ الله مصر – حفظ الله الوطن – حفظ الله الجيش والشرطة المدنية