بقلم حسن النجار: الموقف العربي يبعد منطقة الشرق الأوسط من مطرقة الأطماع ونهب الثروات وسندان التقسيم 

المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية

0
الموقف العربي - جريدة الوطن اليوم
الموقف العربي – جريدة الوطن اليوم

بقلم | حسن النجار  

واهم من يتصور أن الأمر سيقف عند انتزاع غزة، فالعيون ممتدة إلى ما هو أبعد، وأن منطقة الشرق الأوسط بين مطرقة الأطماع ونهب الثروات،  

وسندان التقسيم وتحويل الدول إلى كانتونات! لذلك فإن الاصطفاف العربى صار اختيار الضرورة، للوقوف أمام عودة غزوات الأطماع الخطيرة، والمخططات التسونامية.  

لذلك فإن الاجتماع العربى المتمثل فى مصر والسعودية والأردن وباقى دول مجلس التعاون الخليجى، الجمعة الماضى، كان مهما لتنسيق المواقف والبحث عن حلول ومقترحات،  

رغم أن القمة لم يخرج عنها سوى المعلن فى بيانات رسمية تؤكد على اللقاء الودى للمناقشة والتشاور، لكن أهميته كبيرة، ويأتى قبل اجتماع القمة العربية الطارئة فى الرابع من مارس المقبل. 

ورغم تعدد مفهوم الانتصارات، ما بين الانتصار فى الحروب، وفى منع المخاطر وفى المفاوضات السياسية، لكن يتبقى مفهوم النصر الاستراتيجى فى هذه المرحلة، نصرا يجلب ميزة طويلة الأمد للمنتصر ويزعج قدرة العدو على خوض الحروب.  

المؤرخون والمحللون السياسيون عندما يتحدثون عن النصر بشكل عام، فإنهم يشيرون عادة إلى النصر الاستراتيجى والتكتيكى، ولن يتحقق هذا الانتصار فى منطقتنا وفى هذا التوقيت،  

سوى بدراسة قدرات العدو جيدا، والاصطفاف والقدرة على المناورة والحشد، وتجييش المجتمع الدولى، ضد ما يحاك من مخططات خطيرة فى المنطقة، وفى القلب منها الأطماع فى غزة وسوريا ولبنان ومصر والأردن والسعودية.  

وإذا سلك العرب كل الطرق المؤدية لمنع الحروب والانتصار إلى السلام، ولم تجد نفعا ولم يتبق إلا إظهار العين الحمراء،  

فعليهم تطبيق قول المولى عز وجل فى سورة البقرة، الآية 216: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».  

وبتوصيف المشهد الحالى، فإن هناك فرصة تاريخية أن يكتب العرب تاريخا ناصع البياض، يضعهم فى خريطة التوازنات ليس فى الإقليم فحسب، ولكن فى معادلة التوازنات الدولية،  

فهم يمتلكون القدرة والجدارة، فى حين أن العدو الإسرائيلى مستنزف اقتصاديا وعسكريا من حربه فى غزة وجنوب لبنان، وضرباته لسوريا وطهران، وأظهر جيشه ضعفا وترهلا أمام ميليشيات عسكرية تقاتل بأسلحة خفيفة وتقليدية.  

وفق النظريات السياسية والاستراتيجية، وتحليل دقيق للمشهد فى المنطقة، فإن العرب بالفعل أمامهم فرصة سانحة، لرسم خريطة قوة جديدة، يكونون فيها رقما جوهريا وصحيحا فى معادلتها،  

لا يمكن أن تخطئه العين، أو تتجاوزه، لتغيير مفهوم القوة، وإظهار العين الحمراء، وأن الأمر يحتاج لاصطفاف حقيقى، وتوحيد الخطاب والأهداف، وطرق الحديد وهو ساخن.  

العرب أمام فرصة تاريخية، لن تتكرر كثيرا، وإذا لم يحسنوا توظيفها واستثمارها بشكل رائع، فلن تقوم لهم قائمة بعد اليوم، فمن رحم المحن تولد المنحة، ففى ظل التهديدات الخطيرة، ومخططات ترامب/نتنياهو، للاستيلاء على غزة، ومن بعدها ضم الضفة الغربية وتصفية القضية، مع التوسع فى سوريا وتنفيذ ممر داود،  

ثم السيطرة على شريط طويل وعميق من الجنوب اللبنانى، مع الضعف الواضح، سواء نتيجة الانقسام الخارجى والداخلى للولايات المتحدة الأمريكية، وحالة الترهل الشديد للداخل الإسرائيلى،  

نتيجة النزيف الحاد عسكريا واقتصاديا، ورفض دولى، ربما تشكل فرصة مواتية، تصرخ للعرب قائلة: انتهزونى، ولا تهدرونى.. فلن أتكرر مستقبلا، وأن فى التباطؤ والارتباك تضيع الفرص، ولن يفيد حينها ذرف الدموع، سيولا، أو دما!  

العالم لا يحترم سوى الأقوياء، والعرب يتمتعون بكل مقومات القوة، وإذا تصافت النفوس، ورفعوا منسوب الوعي بأن المصلحة العليا للأمة، وحماية الأمن القومى العربى، فإن الجميع سيكون فى مرمى النيران، ففى الوحدة والاصطفاف، قوة، وفى التشرذم، ضعف وترهل. 

اترك تعليق