بقلم حسن النجار … شهادة وفاة إسرائيل لتحيا الأمة العربية من جديد. 

المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية

0 14

بقلم | حسن النجار  

نعم، توقف إطلاق النار مؤقتًا فى غزة، لكن الخطر لا يزال موجودًا والخيانة يتسلح بها أهل الشر ضد أهل المروءة والنخوة والشجاعة والبطولة والإباء والشرف وكل مفردات العزة والكرامة.  

نعم، كان الامتحان قاسيًا، والصبر طويلًا، والتضحيات أكبر من قدرة أى شعب على التحمل، لكن أهلنا فى غزة أثبتوا أنهم ليسوا مثل أى شعب، وأن قدرتهم على الاحتمال كطاقة الجبال، التى يستحيل خدشها أو مجرد النَّيْل منها.  

حديثى- فقط- إلى هؤلاء من أهل النخوة وأصحاب المروءة ممن لا تزال تغلى الدماء فى عروقهم وتسكن النخوة قلوبهم وضمائرهم، حديثى إلى الرافضين والكارهين للهزيمة، خاصة أهل العزم وأصحاب العزيمة من أولئك الذين لم يقهرهم الخوف ولم يستحوذ على أفئدتهم الضعف، بل لم يؤثروا السلامة على حساب الكرامة،  

فصبروا على الغمة دون أن تفتر منهم الهِمّة، وضحوا بالروح والدم والولد لتحيا بلدهم نجمة فى سماء الحرية تضىء الطريق للمغرمين بها والمدافعين عنها، حديثى للذين صمدوا فى وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية الشرسة أكثر من 15 شهرًا ويزيد، ولا يزالون حتى هذه اللحظة نموذجًا أسطوريًّا ناجحًا لشعب قوى أبى عزيز مناضل عصى على الكسر والانكسار،  

حديثى إلى أهل غزة، الذين أثبتوا للعالم أن صلابة الإرادة وقوة الإيمان واحترام العقيدة كلها قواعد يتأسس فوقها أى بناء متين صَلب يُراد له أن يبقى صامدًا فى وجه الرياح والعواصف مهما كانت عاتية.  

أقول لهؤلاء بمنتهى الصراحة، لقد استُشهِدَ وأُصيب منكم أكثر من خُمس عددكم، ومع ذلك فيدكم هى العليا ويد الصهاينة السُفلى، ربما لا تجدون ماءً ولا مسكنًا يؤويكم ولا مدفئة تدفئكم، ربما تفترشون العراء وتفتقدون الحدود الدنيا للحق فى الحياة الكريمة،  

ربما تواجهون صعوبات بسبب الرياح العاتية والجو القارس وقلة الموارد، لكنكم مع كل هذا تؤمنون بأنكم الأقوى لا تُخيفكم تهديدات ترامب ووعيد نتنياهو وتواطؤ الخونة والأذلاء، 

 ولا يزال التفافكم حول قوى مقاومتكم أكبر دليل على نبلكم وسلامة قصدكم، على أنكم قد أصبحتم قاب قوسين أو أدنى من المشهد الأخير فى مسرحية عنوانها: «نحن أصحاب الأرض ولو كره الصهاينة» فكر فيها وصاغ رؤيتها ووضع السيناريو الخاص بها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكافة مَن ساروا فى فلكهما من بقية دول الغرب.  

أما بالنسبة للديكور فقد وضعه متخصصون فى هندسة الزيف والتزييف والكذب والخداع وتلوين الحقائق بغير ألوانها وخطوطها، وكذا الإضاءة التى كانت ولا تزال عاكسة لافتراءات وأكاذيب يُرجى الترويج لها رغم أن مكانها الطبيعى مفروض أن يكون فى الظل،  

وأيضًا الموسيقى التصويرية، فلم تزد على كونها مجرد صخب وضجيج مزعج، ربما يشغل الأذن دون أن يثرى المشاعر. أما البطولة فقد كانت لكم يا أهلنا فى القطاع، فأديتموها بعبقرية وتفرد إيمانًا بعدالة قضيتكم وحفاظًا على حقكم فى تقرير مصيركم.  

لذلك لن يفلح غاصب فى طردكم من أرضكم إلى أى مكان فى العالم، لن تُهَجَّروا مهما كانت قوة مَن يسعى لتلك الغاية الحقيرة. إن غزة ليست عقارًا يشتريه ويتملكه ترامب، ليست استثمارًا يستفيد منه غير أهله، 

 تمسكوا فيها بأظافركم واستميتوا فى الدفاع عن كل شبر فيها، فقد عشتم ولا تزالون وأنتم جزء منها، كنتم الماضى والحاضر والمستقبل، كنتم الأمل والحلم، كنتم كل شىء لأرضكم وكانت أرضكم لكم، كثيرًا ما حاول الصهاينة أن يكون لهم دور يضمنون مشاركتكم فيه على خشبة المسرح، علهم يكسبون إلى صفهم مشاعر وأمانى الجمهور، لكن الفشل كان دومًا حليفهم.  

فمنذ متى ينتصر الشر على الخير ويُسدَل الستار على تصفيق الجمهور للقاتل إذا ما ظفر بالضحية؟!، وهل يُعقَل أن يستمر المدى الزمنى لمسرحية أكثر من «77» سنة منذ سنة «1948» حتى اليوم،  

دون أن يصاب الجمهور بالملل ويستعجل نهايتها التى تدل كل المؤشرات على قربها؟!. من هذه المؤشرات: أن معركة التحرير قد بدأت، رغم المجازر والمذابح التى لم تشهد فلسطين لها مثيلًا منذ دخول الصليبيين إلى القدس سنة «1099 م»، 

 كما أن المقاومة الفلسطينية- رغم الخلل الرهيب فى موازين القوى العسكرية بينها وبين جيش الاحتلال الإسرائيلى- لا تزال قوية عفية وفق الصور التى ظهرت أثناء عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر فى قطاع غزة. 

لقد استخدم العدو «6» فرق من جيشه طيلة الفترة الماضية، ولم يفلح بعد فى كسر غزة. إن القوى إذا لم ينتصر فى المعركة فهو مهزوم، والضعيف إذا صبر على مقاومة القوى فهو منتصر، 

 وكلما صمد أهلنا فى القطاع وصبروا زاد عناد المقاومة وانقسم الرأى العام الإسرائيلى وتوحدت بالعدوى القوى الحرة فى العالم حتى تنتهى المسرحية نهاية سعيدة، تُكتَب خلالها شهادة وفاة إسرائيل لتحيا الأمة العربية من جديد. 

حفظ الله مصر – حفظ الله الوطن – حفظ الله الجيش

اترك تعليق