بقلم حسن النجار : قضية تهجير الفلسطينيين ليس وليدة اللحظة بل تعود جذورها إلى عقود مضت من عام 1953

الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية

0

بقلم | حسن النجار  

نعم لم تكن فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى عقود مضت، حين طرحها وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس عام 1953، قبل أن تتبناها إسرائيل عبر عمليات عسكرية ممنهجة لإجبار سكان غزة على النزوح. في 1955، سعت إسرائيل إلى زعزعة العلاقة بين مصر والفلسطينيين بإشعال انتفاضة مارس،  

لكن الرئيس جمال عبد الناصر ردّ بتسليح الفدائيين بقيادة مصطفى حافظ، وهو ما كبّد الاحتلال خسائر فادحة قبل أن يُغتال لاحقًا. السيناريو تكرر في السبعينيات بمحاولة إسرائيلية لفرض التهجير إلى العريش،  

إلا أن مصر أجهضت المخطط، سواء في عهد الرئيس أنور السادات أو خلال فترة الرئيس حسني مبارك. واليوم، تعود المحاولات مرة أخرى، لكن القاهرة ثابتة على موقفها الرافض لأي تغيير ديموغرافي قسري، مؤكدة أن سيناء ليست ولن تكون حلًا على حساب الحقوق الفلسطينية.  

التحركات الدبلوماسية المصرية وجهت رسالة واضحة لواشنطن وتل أبيب بأن أي محاولة لفرض واقع جديد ستكون لها تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة،  

وهو ما دفع إدارة ترامب إلى التراجع جزئيًا والترويج لرواية أن التهجير سيكون مؤقتًا، دون تقديم أي آلية تنفيذ واضحة. في ظل هذا الرفض الحاسم، 

 تواجه مصر حملة تشويه ممنهجة من منصات إعلامية معادية، تحاول تقويض موقفها عبر ترويج مزاعم كاذبة، مدفوعة بأجندات تستهدف ضرب الحاضنة الشعبية للدولة المصرية وإضعاف الدعم الداخلي للجيش، 

 باعتباره العقبة الأكبر أمام تنفيذ المخططات الخارجية. ورغم الضغوط الأمريكية، لم تفلح أي من أدوات الضغط التقليدية في إجبار القاهرة على تغيير موقفها، بعدما تحررت من معادلة المساعدات، واستقبلت استثمارات أجنبية ضخمة، ووسعت مصادر تسليحها، ما جعل أي تهديدات اقتصادية أو عسكرية بلا جدوى. 

في المقابل، عززت مصر وجودها داخل قطاع غزة عبر قنوات استخباراتية فاعلة، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 1967، لمتابعة عودة السكان إلى بيوتهم وإفشال أي مخطط لترحيلهم جنوبًا. 

 ومع تصاعد الإحباط في الأوساط الصهيونية جراء فشل محاولات فرض الفوضى في الداخل المصري، برز الحديث عن “الخيار الأخير”: استهداف القيادة المصرية.  

ورغم أن الاغتيالات السياسية تبدو أحيانًا حلاً سريعًا، فإن التاريخ أثبت أنها غالبًا ما تؤدي إلى نتائج عكسية، تمامًا كما حدث مع اغتيال ولي عهد النمسا عام 1914، الذي فجّر الحرب العالمية الأولى، 

 أو مقتل الرئيس أنور السادات عام 1981، حين استُخدمت الجماعات الإسلامية كأداة لإجهاض تحركات مصر تجاه القضية الفلسطينية. 

الموقف المصري واضح وقاطع: سيناء ليست ورقة مساومة، وفرض الأمر الواقع مرفوض تمامًا، ليس فقط لحماية السيادة، ولكن لأن الأمن القومي المصري لا يسمح بخلق بؤر توتر تهدد استقرار المنطقة.  

ومع استمرار التحركات الخارجية لفرض التهجير كحل، يبقى السؤال الأهم: هل ينجح المخططون في كسر الإرادة المصرية، أم أن القاهرة ستواصل تحطيم رهاناتهم كما فعلت مرارًا في الماضي؟ 

حفظ الله – مصر – حفظ الله الجيش والشرطة المدنية  

اترك تعليق