بقلم حسن النجار : يوم ٢٧ من الشهر تعقد قمة القاهرة وسيسمع ترامب ما لا يريد أن يسمعه منذ أطلق مزحة التهجير 

بقلم | حسن النجار  

ما أبعد المسافة بين قمتين، إحداهما انعقدت فى مدريد يوم ٨ من هذا الشهر، والأخرى تنعقد فى القاهرة يوم ٢٧ من الشهر.  

ذلك أن موضوعهما واحد تقريبا، ولكن العين التي تطلعت بها قمة مدريد إلى الموضوع ليست هى أبدا العين التى تتطلع بها قمة القاهرة إلى الموضوع نفسه، بل إنهما قمتان على النقيض، لأن الأولى انعقدت لتقول للرئيس الأمريكي ترامب «نعم» بملء الفم. أما الثانية فتنعقد لتقول «لا» بأقوى صوت.  

في مدريد، التقى عدد من رموز التطرف السياسي الأوروبي، لا ليكبحوا جماح ساكن البيت الأبيض، ولا لينصحوه بأن يهدئ من سرعته، أو يُلطّف من نبرته، أو يغير من لغته، ولكن ليقولوا إنه بالنسبة لهم فى منزلة المثل الأعلى!  

وفى قاهرة المعز، يلتقي القادة العرب ليقولوا للرئيس الأمريكي إن ما يعمل على الترويج له مع رئيس حكومة التطرف فى تل أبيب لن يكون، وإن الفلسطينيين الذين يُراد لهم أن يغادروا غزة لن يغادروها، لأنهم ليسوا مهاجرين إليها ليتم ترحيلهم عنها كما فعل ترامب ويفعل مع المهاجرين غير الشرعيين إلى بلاده.  

فى مدريد، راحت رموز التطرف السياسي الأوروبية تقلد الرئيس الأمريكي وربما تُزايد عليه، لأنه إذا كان قد دخل البيت الأبيض رافعا شعار «أمريكا أولا»، فإنهم هُم أيضا يرفعون شعارا يقول «أوروبا أولا».. فالتطرف مِلّة واحدة.. تماما كما قيل من قبل عن الكُفر إنه ملة واحدة.  

في القاهرة، تدعو المحروسة إلى قمة عربية طارئة، ليفهم سيد البيت الأبيض أن الموقف الرافض للفصال فى قضية تهجير الفلسطينيين ليس موقفا تتبناه مصر وحدها، ولا الأردن بمفردها، لكنه موقف موحد يلتقي الرؤساء العرب تحت مظلته الجامعة.  

في مدريد، كانت الأجواء التي أحاطت بالقمة كأنها الأكسجين الذي يمكن أن يتنفس به التطرف السياسي في الإدارة الأمريكية، وكان المتحلقون حول مائدة الاجتماع كأنهم يتامى يبحثون عن أب شرعي للتطرف فى القارة الأوروبية، وكانوا كأنهم قد وجدوا هذا الأب فى صورة الرئيس الأمريكي الذي فاجأ العالم ويفاجئه بما لا يحتمله ولا يطيقه. 

فى قمة قاهرة المعز، سيسمع ترامب ما لا يريد أن يسمعه منذ أطلق مزحة التهجير، وسيرى أن أرض فلسطين ليست عقارا يرثه هو أو يورثه لسواه.