بقلم حسن النجار.. تغيب الأهلي عن قمة الدوري امام الزمالك يؤدي الي علامات استفهام  

الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار

0

بقلم | حسن النجار  

في تاريخ أي بلد هناك مؤسسات فارقة، وفي تاريخ مصر هناك نادٍ فارق، هو النادي الأهلي، لذا جاء استاد النادي الأهلي الحلم الذي يجري تحقيقه الآن، متكاملا، لكن أكثر ما أسعدني في هذا الحلم هو المتحف الرياضي، الذي سيكون الأول من نوعه في مصر، 

 والثاني عربيا بعد متحف كرة القدم في المغرب، ما يقلقني هو أن يخرج المتحف كغيره من المتاحف في مصر فقير في سيناريو العرض المتحفي، وهنا المشكلة التي نعاني منها في مصر، فمتحف الأهلي فرصة لكي يكون مختلفا منافسا لأكبر وأشهر المتحف الرياضية في مصر.  

لكن قبل أن أخوض في هذا الموضوع، تعالي معي عزيزي القارئ في جولة في أشهر المتاحف الرياضية في العالم، عزيزي القارئ يمكنك مشاهدة اللاعبين المهرة في الملاعب وفي شاشات التلفاز، لكن المتاحف الرياضية هي أداة رائعة للتعرف علي الجوانب غير المرئية للمؤسسات الرياضية، بعض الرياضات الشعبية مثل كرة السلة لم تكن موجودة قبل مائتي عام،  

والبعض الأخر مثل التنس قديمة، وهذه كلها لها متاحف، لكن تبقي متاحف كرة القدم الأكثر جاذبية، فمتحف ريال مدريد هو خامس أكثر المتاحف زيارة في إسبانيا، يمكنك زيارته كل يوم عندما لا تكون هناك مباريات، وتشمل تذكرة زيارته جولة في ملعب ريال مدريد،  

يحتوي المتحف علي صور قديمة وقمصان اللاعبين والأحذية والكرات ويحكي المتحف قصص اللاعبين الأيقونين، إنه مكان رائع للسفر عبر الزمن، وتعلم كل شيء عن كرة القدم ونادي ريال مدريد. 

متحف برشلونه يعد من أكبر متاحف كرة القدم زيارة في العالم، افتتح عام 1984، يضم كل الجوائز التي فاز بها النادي الكتالوني، كما يضم لوحات لفنانين محليين مشهورين مثل سلفادور دالي وجوان ميرو، ويعد قسم ميسي الأكثر زيارة في المتحف.  

نموذجان يجب دراستهما جيدا من قبل النادي الأهلي، فمتحفه يجب أن يتجاوز النادي الأهلي ليكون متحفا لكرة القدم المصرية، كما يجب أن تتنوع معروضات المتحف، وأن يهتم بالسياق الزمني لمقتنايته، 

 فالخطيب يجب أن يهدي المتحف الحذاء الذهبي الذي حصل عليه كأفضل لاعب في أفريقيا كأول لاعب مصري يحصل علي هذا اللقب، كما أن الخطيب كان معه أساطير مثل حسن شحاتة الذي يقابله في نادي الزمالك والذي ارتدي فانلة النادي الأهلي لدرء داء التعصب في تشجيع الأندية المصرية،  

فالمتحف يجب أن تكون له رسالة في تكريس حب كرة القدم ونبذ التعصب، لذا فمعروضات حسن شحاتة إلى جوار الخطيب تعطي رسالة لكل مصري وزائر، إن التاريخ البعيد للنادي الأهلي يجب أن يقرأ عبر الوثائق والصور والمقتنيات، هنا لابد من الرجوع إلي أرشيف النادي الأهلي، وهو للأسف أرشيف غير مكتمل،  

ظهر هذا جليا أثناء احتفالية النادي بمئويته، فأنتجت وأخرجت الأستاذة دينا أبوزيد بمجهود شخصي فيلما وثائقيا عن النادي الأهلي أفضل من الفيلم الذي أنتجه النادي، فقد حصلت علي أرشيفات شخصية تميزت بها،  

هذا علي صعيد يكشف أن هناك ثغرات في أرشيف النادي ومقتنياته التي تعد الأساس الذي سيبني عليه متحف النادي، فتاريخ النادي غير المكتمل يعمل عليه محبون للنادي وليس عبر تكليف من النادي للجنة تقوم علي ذلك،  

وهذا ما يجب أن يحدث من الآن إلي أن يتم افتتاح متحف النادي في استاده الجديد، تعالي معي عزيزي القارئ لنجد أن دار نشر عابر وهي دار نشر مصرية أعطت الكثير لنشر كل ما يتعلق بتاريخ النادي الأهلي وأفضل ما أصدرته من كتب في هذا السياق،  

كتاب (صفحات من تاريخ النادي الأهلي) وهو من تأليف محمد أحمدي، السياق المهم في الكتاب هو ارتباط النادي الأهلي بالحركة الوطنية المصرية، والتحرر من الاستعمار البريطاني،  

بل وقدرة النادي علي تنمية الشعور بالوحدة الوطنية، وتجاوز النادي القاهرة بفروع له أدت إلي اتساع قاعدة النادي، هذا كله أتي عبر الوثائق والصحف التي واكبت إنشاء النادي وصعوده،  

الكتاب حفل بتفاصيل كثيرة علي صغر حجمه حتي يمكننا اعتباره مرجعا مهما لتاريخ النادي، إن من سيزور متحف الأهلي لابد أن تروي عليه حكايات شيقة وفي هذا السياق يمكن الاستدلال بحكايات سعيد وهبة عن النادي الأهلي في كتابه (الأهلي شخصيات وحكايات) الذي صدر عن نفرتيتي للنشر، 

 ويظل كتاب الناقد الرياضي حسن المستكاوي عن النادي الأهلي الذي اصدرته دار الشروق من أهم الكتب المرجعية عن النادي، فقد فتح له أرشيف النادي الرسمي،  

لكن أمام هذا الأرشيف الأرشيفات الشخصية للشخصيات التي ارتبطت بالنادي وارتبط بها كأرشيف الفريق مرتجي والكابتن صالح سليم وغيرهما، وهذه هي النقطة التي غابت عن النادي في مئويته،  

فضلا عن أن هناك تفاصيل صغيرة لا ينتبه إليها الكثيرون قد تكون فارقة في العرض المتحفي، فحين كنت أسس لمتحف الرئيس السادات في مكتبة الإسكندرية ركزت علي تفاصيل الحياة اليومية للرئيس السادات، كما أصررت على ساعة يده التي سقطت عليها قطرات دم حين تم اغتياله وبدلته يوم اغتياله وما كتبه بخط يده والبايب وغيرها من التفاصيل،  

الأهلي ليس مجرد نادي للكرة بل حياة عاش معها المصريون أفراح وأحزان وآمال وبطولات، حتى التغيرت في النادي عبر الزمن قصة تستحق أن تروي ويجب التفكير فيها بتمهل، فسيناريو العرض المتحفي يجب أن ينضج عبر فريق عمل يفكر بهدوء ويجمع مقتنيات من آلاف القطع لينتهي العرض إلي ألف قطعة فقط،  

والباقي ممكن أن يكون في متاحف فرعية في فروع النادي، إن بيت الهدايا الذي سيلحق بالمتحف لابد أن يأخذ تفكيرا عميقا لأنه سيمثل موردا لا ينضب للنادي، لذا فأول شيء في هذا السياق هو إصدار كتالوج وثائقي مصور للنادي في طباعة فاخرة،  

يكون هدية لمن يحب النادي من محبي النادي، وإلى الآن لم ينتج النادي كتالوج يتناسب مع حجمه، فضلا عن كل شيء يمكن إطلاق العنان لابداعه ليكون في كل بيت هدايا النادي الأهلي، فعلي النادي الأهلي ألا يضيع هذه الفرصة الذهبية. 

اترك تعليق