جامعات النخبة الأميركية تتحد لمواجهة ضغوط إدارة ترامب على استقلالها الأكاديمي  

0 30٬081

كتب | محمود سعد   

تقرير جريدة الوطن اليوم : في خطوة غير مسبوقة، شكلت نحو عشر جامعات أميركية مرموقة، من بينها جامعات “رابطة اللبلاب” (Ivy League) ومؤسسات بحثية خاصة كبرى، تحالفًا سريًا لمواجهة ما وصفوه بـ”التهديدات المتزايدة” من إدارة الرئيس دونالد ترامب لاستقلالية الجامعات والتمويل البحثي .

يأتي هذا التحرك بعد أن جمدت الإدارة الفيدرالية أكثر من 2.2 مليار دولار من المنح البحثية المخصصة لجامعة هارفارد، عقب رفضها تنفيذ مطالب حكومية تتعلق بتغييرات في سياسات التوظيف والقبول والمناهج الدراسية .

وقد رفعت هارفارد دعوى قضائية ضد الحكومة، معتبرةً أن هذه الإجراءات تنتهك التعديل الأول من الدستور الأميركي .

التحالف الجامعي الجديد يهدف إلى تنسيق الجهود للدفاع عن استقلالية المؤسسات الأكاديمية، خاصةً في ظل تهديدات الإدارة بفرض قيود على الطلاب الدوليين وسحب الإعفاءات الضريبية من بعض الجامعات .

يُذكر أن أكثر من 150 رئيس جامعة وقعوا على رسالة مشتركة تندد بـ”التدخل الحكومي غير المسبوق” في شؤون التعليم العالي، مؤكدين التزامهم بحماية حرية التعبير والبحث العلمي .

هذا التصعيد يعكس التوتر المتزايد بين إدارة ترامب والمؤسسات الأكاديمية، وسط مخاوف من تأثير هذه السياسات على مكانة الولايات المتحدة كوجهة رائدة في التعليم والبحث العلمي عالميًا .

واكتسبت هذه المساعي زخماً بعد أن قدمت إدارة ترمب مؤخراً قائمة من المطالب لإحداث تغيير ثقافي جذري في جامعة هارفارد، وهي خطوة اعتبرتها العديد من الجامعات اعتداءً على استقلاليتها.

“الخطوط الحمراء” 

ويُعد هذا التحالف، كما يسميه البعض، جهداً “منفصلاً، وهادئاً، وربما أكثر فاعلية” من القرارات العلنية التي أصدرتها مجموعات مرتبطة بالجامعات في الآونة الأخيرة.

ويضم هذا التحالف شخصيات رفيعة المستوى، من بينهم أعضاء في مجالس الأمناء ورؤساء جامعات.

ويحافظ هؤلاء الأعضاء على تواصل وثيق فيما بينهم، حيث ناقشوا “الخطوط الحمراء” التي لن يقبلوا بتجاوزها خلال المفاوضات، ودرسوا سيناريوهات مختلفة لكيفية الرد على مطالب إدارة ترمب،

التي جمدت أو ألغت تمويلات بمليارات الدولارات للأبحاث في الجامعات التي تقول الإدارة إنها لم تتصد بفعالية لـ”معاداة السامية” داخل حرمها الجامعي، وذلك في تعليقها على التظاهرات المعارضة للحرب الإسرائيلية على غزة.

وتسعى الجامعات إلى ضمان ألا تقدم مؤسسات أكاديمية على إبرام اتفاقات مع إدارة ترمب قد تخلق “سابقة مقلقة”، وقد تدفع جامعات أخرى لاحقاً للانصياع لمطالب ترمب، وفقاً لأشخاص مطلعين على هذه الجهود.

وتشعر إدارة ترمب بالقلق من احتمال تحالف الجامعات، نظراً لأن التفاوض مع جبهة موحدة سيكون أكثر صعوبة، بحسب مصدر مطلع على عمل الفريق الحكومي المعني.

ووجه الفريق الحكومي خلال الشهرين الماضيين تحذيراً إلى إدارة واحدة على الأقل من الجامعات، وطالبها بعدم التعاون مع جامعات أخرى لمقاومة مطالب ترمب، وفقاً لشخص مطلع.

الاستقلال الأكاديمي 

ويتفق قادة الجامعات المتحالفة حتى الآن على أن التخلي عن الاستقلال الأكاديمي، بما يشمل حرية تقرير سياسات القبول والتوظيف والمناهج الدراسية وأساليب التدريس، يمثل بالنسبة لهم “خطاً أحمر” لا يمكن تجاوزه.

وكانت إحدى النقاط التي ناقشها بعض أعضاء التحالف هي حقيقة أن عدة جامعات قائمة منذ أكثر من 300 عام، بينما لم تمض على تولي ترمب منصبه سوى ثلاثة أشهر، حسبما قال أحد المطلعين.

من جانبه، قال تيد ميتشل، رئيس مجلس التعليم الأميركي، للصحيفة إنه على علم بالمحادثات غير الرسمية الجارية، وأضاف: “أنا متفاءل باستمرارها”.

وأضاف: “هذا النوع من المحادثات يساعد المؤسسات على فهم تأثير الإجراءات الحكومية على مختلف الجامعات، وتحديد الأمور غير القابلة للتفاوض”.

ووفقاً لمصدر مطلع، يتوقع أعضاء التحالف أن تتوسع صفوفهم قريباً، ويعتبرون أنفسهم حالياً “نقطة انطلاق المقاومة”.

وكان ترمب قد تعهد، خلال حملته الانتخابية، بـ”استعادة المؤسسات التعليمية الأميركية العريقة من قبضة اليسار المتطرف”. وشكلت إدارته فريقاً جديداً لـ”مكافحة معاداة السامية”، واستخدمت تهديدات بوقف التمويل لفرض تغييرات أوسع في الجامعات، لا سيما في جامعة كولومبيا.

ووضع أعضاء التحالف سيناريوهات لتحديد كيفية الرد على مختلف الهجمات. وتشمل أبرز مخاوفهم احتمالية أن تمنع الحكومة الفيدرالية الجامعات من تسجيل الطلاب الأجانب، الذين يوفرون إيرادات من الرسوم الدراسية ويمثلون قوة فكرية للجامعات، وفق “وول ستريت جورنال”.

كما يخشى بعض أعضاء التحالف من أن تعيق الحكومة الفيدرالية توظيف الجامعات للأستاذة الأجانب، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات.

اترك تعليق