بقلم حسن النجار.. مصر خاضت الحروب وضحت بأعز أبنائها شهداء للوطن فى سبيل الحرية ودفاعًا عن القضية الفلسطينية
المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية
بقلم | حسن النجار
إن الجغرافيا والتاريخ حليفان قويان لدعم الدولة المصرية فى كل الأوقات وأصعب الظروف، فما أكثر ما واجهت مصر من غزاة وطغاة وبغاة،
ولكنها بقيت دائمًا قلعة حصينة وأيقونة نادرة فى الشمال الشرقى للقارة الإفريقية تطل على البحرين الأبيض والأحمر،
تنظر إلى أوروبا شمالاً وآسيا شرقًا وإفريقيا جنوبًا، فضلاً عن انتماء متعدد الجوانب يبدأ بهويتها المصرية الخالصة والتى مر عليها تاريخها الفرعونى وترك علمًا كاملاً باسم دولة وحيدة فى العالم نقرأ عنها فى كتب علوم المصريات،
إنها مصر أيضًا التى استقبلت رسالات السماء حتى وصل الفتح العربى فأصبحت عربية اللسان فريدة الكيان، إنها مصر التى واجهت الحروب العسكرية وتحملت النزوات السياسية وظلت دائمًا على صمودها وكبريائها لم تختف يومًا عن الخريطة ولم تبتعد أبدًا عن قلب الأحداث،
وها هى اليوم تواجه تحديات غير مسبوقة إذ إن هناك مخططًا محمومًا ومكتومًا للنيل منها والتأثير فيها، ولكن ذلك كله لن يستطيع أن يغيّر من صلابة تلك الدولة العصية على السقوط وكأنما تحفظها فى صمت ديانات السماء وحضارات الأرض،
ولقد بدأت الصورة تكشف عن جوانبها وتفصح عن أبعادها من خلال مخطط خبيث بدأ ببالونه اختبار عن التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء المصرية، وعندما تأكد لمن يسعون لهذا المخطط أن ذلك أمر مستحيل التنفيذ ومرفوض مصريًا وعربيًا وفلسطينيًا ودوليًا.
بدأوا فى التحول نحو مفهوم مختلف ونصبوا شباكهم على الشعب الفلسطيني فى غزة بعد ضرباتٍ موجعة طالت زمانًا وازدادت عمقًا حتى أصبحت أرض غزة غير صالحة للحياة،
دماء وأشلاء، دموع وأحزان، قهر وتخويف، حتى يضطر الفلسطينيون إلى نوع من الهجرة الطوعية نتيجة استحالة الحياة وفى ظل حالة التجويع والتعطيش وانقطاع مصادر الكهرباء وتدنى الأحوال المعيشية إلى ما دون الصفر،
كل ذلك يجعل الفلسطيني المهاجر دائمًا من وطنه المطرود من أرضه يطلب الانتقال إلى أى مكان فى العالم يواصل فيه الحياة بعد رحلة نضالٍ صعبة غير مسبوقة.
فى التاريخ ومعاناة لم يشهدها شعب آخر فى ظل بسالة فلسطينية منقطعة النظير وشجاعة فى المقاومة بغير حدود، وكأنما تحالفت كل أسباب القهر والطغيان على ذلك الشعب العربى فجاء على رأس الولايات المتحدة الأمريكية رئيس جديد داعم للسياسات العدوانية والعنصرية.
التى يمارسها رئيس وزراء إسرائيل نيتانياهو بشكل مطلق فى فظاظة منقطعة النظير، فهو يهوى قتل الأطفال واصطياد الفلسطينيين وكأننا نعيش فى غابة جديدة لم يكن لها مثيل من قبل،
وتواصل الدولة المصرية دورها الثابت، وهي الأكثر سكانًا والأعرق تاريخًا والأصدق فى توجهاتها القومية وانطلاقتها الموثقة فى دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة منذ اليوم الأول حين أعلن تيودور هرتزل ميلاد مشروع الدولة اليهودية فى نهاية القرن التاسع عشر،
فخاضت مصر الحروب وضحت بأعز أبنائها شهداء للوطن فى سبيل الحرية ودفاعًا عن القضية الفلسطينية وإيمانًا بالحقوق المشروعة لذلك الشعب العربى الشقيق.
الذى تسعى إسرائيل إلى طمس هويته ومحو شخصيته وإنهاء وجوده بل وتحويله دائمًا إلى شعب من اللاجئين وحرمان أجياله القادمة من الأمل فى المستقبل وهو الذى يسعى لدولته الوطنية وعاصمتها المقدسية تصحيحًا للتاريخ .
وإبرازًا للحقائق وتأكيدًا لمصداقية المناضلين والمكافحين بعد تجربة دامية امتدت لعشرات العقود ومازال سعير نيرانها ولهيب آثارها يحيط بذلك الشعب الصامد الذى واجه أعتى أدوات الحرب الحديثة وعاش تحت القصف المستمر وآثار الدمار والعدوان بصورة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً،
وهاهى مصر تلملم ما استطاعت جراح ذلك الشعب وتقوم بدور الوسيط فى المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس لأنها على يقين من عدالة القضية الفلسطينية التى جعلت من مصر
وسيطًا وطرفًا فى ذات الوقت حتى أصبح الصوت المصرى هو التعبير الصادق عن الشعور العربى تجاه الأشقاء فى فلسطين، وهاهى مناورات إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة الأمريكية بترسانة سلاحها وضخامة إمكاناتها تحارب مصر بتصريحات مسمومة وأفكار لئيمة ومخططات خبيثة.
تسعى للنيل من وحدتها الوطنية وتماسك شعبها وصلابة جبهتها الداخلية، وتطلق إدارة الرئيس الأمريكى الجديد تصريحات متتالية كأنها إنذارات مستترة لمصر التى كانت ولاتزال، وسوف تظل عصية على السقوط،
إننا نتابع ما يجرى على أرض فلسطين وفى قطاع غزة المتاخم للحدود المصرية ونراقب عن كثب مسار رحلة التآمر ومحاولات النيل من مصر التى تمثل حائط صد للكيان العربى والوجود الفلسطينى فى سابقة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً!
حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش