بقلم حسن النجار: تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا.. مناورة مرفوضة وموقف مصر ثابت لا يتزعزع
المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والباحث في الشؤون السياسية الدولية

بقلم: حسن النجار
في خضم التصعيد المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومع التهديدات الإسرائيلية المتكررة بحق الشعب الفلسطيني، تطفو على السطح بين الحين والآخر محاولات دولية وإقليمية لإعادة طرح سيناريوهات التهجير القسري كحلٍّ بديل لما تسميه إسرائيل “حسمًا أمنيًا”، وكان آخر تلك المحاولات ما أثير مؤخرًا عن نية تهجير الفلسطينيين – لا سيما من قطاع غزة – إلى دول عربية، ومنها ليبيا.
- فصول التهجير: من النكبة إلى مناورات اليوم
منذ نكبة عام 1948 وحتى اليوم، ظل شبح التهجير يلاحق الفلسطينيين، وتعددت صوره بين نزوح قسري مباشر، أو حصار ممنهج يدفع إلى الرحيل، أو ضغوط سياسية وإنسانية تقود إلى اقتلاع الفلسطيني من أرضه.
واليوم، يعود الحديث عن محاولة تهجير جديدة، وهذه المرة إلى ليبيا، الدولة التي لا تزال تواجه تحديات سياسية وأمنية كبيرة ولا تملك الاستقرار اللازم لاستقبال لاجئين جدد.
- القيادة المصرية.. موقف حاسم لا مساومة فيه
منذ اللحظة الأولى، جاء الموقف المصري واضحًا، صريحًا، وثابتًا. فقد أكدت القيادة المصرية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر لن تسمح بأي شكل من الأشكال بتهجير الفلسطينيين من أرضهم، لا إلى سيناء ولا إلى أي دولة أخرى، وشددت على أن الحل العادل لا يكون بترحيل الضحايا، بل بوقف العدوان، وعودة الحقوق إلى أصحابها.
الرؤية المصرية تنبع من ثوابت قومية وتاريخية، تستند إلى دعم القضية الفلسطينية بوصفها قضية العرب الأولى، وإلى إدراك خطورة محاولات تفريغ الأرض الفلسطينية من شعبها، كمدخل لتصفية القضية برمتها.
- لماذا ليبيا؟ ولماذا الآن؟
اختيار ليبيا كمقترح جديد لتهجير الفلسطينيين يطرح العديد من التساؤلات حول التوقيت والدوافع. فليبيا اليوم تمر بحالة من الانقسام السياسي، وفوضى أمنية في بعض مناطقها،
وهو ما يجعلها بيئة غير صالحة للاستيطان المؤقت أو الدائم. ويبدو أن هذا الطرح ليس إلا محاولة للضغط السياسي والابتزاز الإنساني للشعب الفلسطيني، لتقبّل حلول مجحفة تحت غطاء “تخفيف الأزمة”.
- دور المجتمع الدولي.. صمتٌ مريب
المؤسف أن بعض الأطراف الدولية لا ترفض هذه السيناريوهات بوضوح، بل تقف مترددة أو تكتفي بالصمت، في الوقت الذي ينبغي فيه تفعيل آليات الحماية الدولية للشعب الفلسطيني بموجب القوانين الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان.
- الخاتمة: تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا.. خطر إقليمي يُهدد الأمن القومي المصري
تهجير الفلسطينيين إلى أي بقعة في العالم، سواء ليبيا أو غيرها، هو جريمة سياسية وأخلاقية وإنسانية. وموقف مصر – قيادة وشعبًا – سيظل حجر عثرة أمام تلك المؤامرات التي تسعى لقتل الحلم الفلسطيني مرتين: مرة بالاحتلال، ومرة بالتهجير.
يثير الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا موجة واسعة من القلق الإقليمي، لا سيما لما يحمله من تهديدات مباشرة للأمن القومي المصري. فليبيا، التي تعاني من هشاشة أمنية واضطرابات داخلية مزمنة،
لا تمثل بأي حال من الأحوال بيئة آمنة لاحتواء أزمة إنسانية بهذا الحجم. كما أن نقل الصراع من الأراضي المحتلة إلى الحدود الغربية لمصر،
يُنذر بتعقيد المشهد الاستراتيجي، ويفتح الباب أمام قوى أجنبية ومليشيات مسلحة لاستغلال الوضع،
ما قد يؤدي إلى تفاقم التهديدات العابرة للحدود، ويفرض على القاهرة أعباءً أمنية إضافية قد تؤثر على استقرارها الداخلي.
وتُحذر دوائر استراتيجية من أن هذا السيناريو قد يُفجّر صراعات جديدة في المنطقة، ويقوض الجهود الرامية لتحقيق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
ومن جريدة الوطن اليوم، نؤكد أن الصوت العربي الحر لا يزال حاضرًا، وأن كل من راهن على ضعف ذاكرة الأمة أو تفكك مواقفها، قد خسر الرهان. القضية الفلسطينية ستبقى حية ما بقيت العروبة في قلوب الشعوب، ومصر ستظل درعها الواقي وسندها الدائم.