مصر واليونان.. شراكة استراتيجية تُرسخ الاستقرار وتُعزز مكاسب الطاقة 

0 32٬060

كتب | حسن النجار   

جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة اليونانية أثينا، الأربعاء، لتفتح آفاقاً جديدة من التعاون الاستراتيجي بين مصر واليونان، في وقت بالغ الحساسية إقليمياً ودولياً،

ولتعكس بوضوح المكانة المتصاعدة للدبلوماسية المصرية وقدرتها على ترسيخ الأمن والاستقرار وتحقيق المكاسب الوطنية على الساحة الدولية.

شراكة استراتيجية.. وتفاهم إقليمي

اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي برئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس لم يكن عادياً، بل اتسم بطابع استراتيجي بامتياز. فقد شهد التوقيع على إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين،

وهو تطور كبير يعكس عمق العلاقات الثنائية ويوسّع إطار التعاون ليشمل مجالات الطاقة، والدفاع، والأمن، والتعليم، والتكنولوجيا، والهجرة النظامية،

إلى جانب مشاريع ضخمة كـالربط الكهربائي بين مصر واليونان، الذي يُعد أول مسار مباشر لنقل الطاقة النظيفة من إفريقيا إلى أوروبا.

 دعم ملف غزة.. ودور إقليمي فاعل 

على المستوى الإقليمي، عززت الزيارة موقف مصر من القضية الفلسطينية، حيث شدد الجانبان على ضرورة استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية،

والإفراج عن الرهائن، مع تأكيد دعم حل الدولتين كضمانة لتحقيق السلام الدائم في المنطقة.

هذا التوافق بين مصر واليونان يُضيف ثِقلاً لجهود الوساطة التي تقودها القاهرة بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة لإنهاء الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، ويقطع الطريق أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول أحادية الجانب.

رؤية مصرية للحل في شرق المتوسط 

ناقشت الزيارة كذلك مستجدات الوضع في شرق المتوسط، حيث رحب الرئيس السيسي بجهود التهدئة،

وأكد على أهمية تسوية الخلافات من أجل استثمار الثروات الطبيعية الهائلة التي تزخر بها المنطقة، بما يخدم شعوبها ويُحصّنها ضد التدخلات الخارجية أو التوترات المسلحة.

وشملت المباحثات ملفات إقليمية حساسة، من سوريا ولبنان وليبيا والسودان، إلى أمن البحر الأحمر،

في تأكيد جديد على أن مصر شريك لا غنى عنه في منظومة الأمن الإقليمي، وبوابة محورية لتحقيق التوازن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

مجلس تعاون رفيع المستوى.. خطوة نحو التكامل 

ترأس الرئيس السيسي ورئيس وزراء اليونان الاجتماع الأول لـمجلس التعاون رفيع المستوى، الذي يمثل منصة تنفيذية مهمة لمتابعة المشاريع المشتركة، وعلى رأسها مشروع الربط الكهربائي، وتنسيق الجهود في ملفات الهجرة ومكافحة الإرهاب.

وتكمن أهمية هذا المجلس في كونه نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، حيث يتحول التعاون من بُعد سياسي إلى شراكة تنموية متكاملة قائمة على تبادل الخبرات والتكامل الاقتصادي والاستثماري،

بما يخدم الرؤية المصرية لبناء “مصر الجديدة” ويعزز جهود اليونان في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

خلاصة 

زيارة الرئيس السيسي إلى أثينا لم تكن مجرد جولة دبلوماسية، بل خطوة محسوبة نحو تثبيت أركان الشراكة المصرية – اليونانية، وتحقيق مكاسب استراتيجية على مستوى الأمن والطاقة والتنمية،

بالتوازي مع دعم القضية الفلسطينية ومواجهة التحديات الإقليمية بوعي ومسؤولية.

إنها رسالة للعالم أن مصر لم تعد مجرد متلقٍ للتأثيرات الدولية، بل أصبحت لاعباً فاعلاً ومؤثراً في صياغة السياسات والتحالفات الدولية التي تصب في مصلحة المنطقة واستقرارها.

اترك تعليق