بطل التخابر يسقط غدرًا.. تفاصيل استشهاد محمد مبروك المروعة   

0 65٬071

تقارير – كتب : حسن النجار

جريمة اغتيال الشهيد العميد محمد مبروك، ضابط الأمن الوطني، لم تكن مجرد حادثة اغتيال، بل كانت استهدافًا مباشرًا لرجل واجه بمفرده مخططًا دوليًا لإسقاط الدولة المصرية، وكشف واحدة من أخطر قضايا التخابر في تاريخ مصر الحديث، والتي تورطت فيها جماعة الإخوان الإرهابية.

كان مبروك يشكل كابوسًا حقيقيًا لقادة الجماعة، لدرجة أن القيادي الإخواني خيرت الشاطر قال صراحة: “محمد مبروك ماينفعش يفضل دقيقة واحدة في أمن الدولة”، فيما كان الرئيس المعزول محمد مرسي يرتعد من اسمه، لأنه كان الشاهد الرئيسي في قضية التخابر الكبرى.

ورغم علمه المسبق بأنه مُستهدف، لم يتراجع مبروك لحظة عن أداء واجبه. وعندما حذره زملاؤه من الخطر المحدق به، رد قائلاً: “المهم مصر تفضل موجودة.. مهما كان التمن، حتى لو كانت أرواحنا”.

بدأت رحلة مبروك مع جماعة الإخوان منذ عام 2004، حين تولى مسؤولية ملف التنظيم داخل جهاز أمن الدولة، وتمكن من بناء شبكة مصادر داخل الجماعة، ورصد اتصالاتهم المشبوهة مع أجهزة استخبارات أجنبية، على رأسها الأمريكية والتركية، إضافة إلى تنسيقهم مع حزب الله اللبناني وحركة حماس.

وسجل مبروك محادثات حساسة بين محمد مرسي وأحمد عبدالعاطي، مسؤول الإخوان في تركيا، قبيل اندلاع ثورة 25 يناير، وتمكن من اختراق البريد الإلكتروني لمرسي والحصول على خطة الجماعة كاملة للسيطرة على الحكم. وأعد تقريرًا من 35 صفحة قاد لاحقًا إلى القبض على مرسي وقيادات التنظيم بسجن وادي النطرون.

لكن مع أحداث الفوضى واقتحام السجون، نجحت القيادات في الهرب، بينما واصل مبروك تحرياته الدقيقة التي كشفت أبعاد المخطط الخارجي.

وعقب وصول الإخوان إلى الحكم، كان مبروك أول من تم استبعاده، ونُقل من جهاز أمن الدولة، وحُلّت الإدارة التي كان يعمل بها، في محاولة لإبعاده عن المشهد.

بطل التخابر يسقط غدرًا.. تفاصيل استشهاد محمد مبروك المروعة   
بطل التخابر يسقط غدرًا.. تفاصيل استشهاد محمد مبروك المروعة

ورغم الضغوط والتشويه الإعلامي المتعمد ضد الشرطة، ظل مبروك مؤمنًا بدوره الوطني، حتى أنه تأثر عندما سأله أحد أبنائه: “ليه الناس بتكره الشرطة؟”، ليجيبه باختناق: “بكرة الناس تعرف الحقيقة”.

المأساة أن من سلّمه كان أقرب أصدقائه، الضابط محمد عويس، رئيس وحدة مرور الوايلي، الذي باع صديقه مقابل مليوني جنيه، وسرّب معلوماته وصورته ومواعيد تحركه لتنظيم “أنصار بيت المقدس”، بتكليف مباشر من قيادات الإخوان.

وفي مساء يوم 17 نوفمبر 2013، خرج مبروك من منزله بمدينة نصر، بعدما اشترى لابنه “زياد” قطعة شوكولاتة، تركها عند البواب ليصعدها. وما إن ركب سيارته، حتى فتحت نيران الغدر عليه من كل جانب، لتصيبه 12 رصاصة أنهت حياته.

استُشهد محمد مبروك، لكن دماؤه كانت بمثابة الشاهد الأخير الذي أسقط جماعة الإخوان وأغلق ملف التخابر، بعد أن تحوّل إلى أيقونة وطنية في سجل الشهداء الأبرار.

رحم الله البطل.. وأسكنه فسيح جناته.

اترك تعليق