بقلم حسن النجار.. ترامب يبيع وهم السلام ويشعل نار الحرب الخفية 

المفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم والباحث في الشؤون السياسية الدولية   

0 87٬072

بقلم: حسن النجار 

مرة أخرى يعود دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، إلى تصدّر المشهد بتصريحات ظاهرها الدعوة للسلام، وباطنها يحمل أجندة صدام وتغيير أنظمة. ففي أحدث تصريحاته، أعلن أن “الوقت قد حان للسلام بين إيران وإسرائيل”،

مقدّمًا شكره لأمير دولة قطر على ما وصفه بـ”جهود عظيمة من أجل السلام”. لكن الواقع يقول غير ذلك؛ فهذه ليست سوى خدعة جديدة، تُعيد إنتاج مشهد سياسي معروف، تلعب فيه أمريكا دور الراعي للسلام، بينما تسلّم مفاتيح الحرب لمن يخدم أجندتها.

من يتابع نهج ترامب يدرك جيدًا أن مفهوم “السلام” في قاموسه لا يعني سوى فرض الهيمنة، وإسقاط الأنظمة المناوئة، ونهب الثروات تحت شعارات براقة. تمامًا كما فعل في العراق، حين دمر دولة بأكملها بذريعة “أسلحة الدمار الشامل” التي لم تُعثر عليها يومًا،

فهو لا يرى نهاية للنزاع مع إيران إلا بزوال نظام المرشد الأعلى، وتفكيك الحرس الثوري، وزرع بديل خاضع، كما حدث في محاولات إعادة تشكيل بعض أجنحة النظام السوري لصناعة واجهة “إصلاحية” تُسوق للغرب.

ما يدعو للسخرية والمرارة في آنٍ واحد، أن حديث ترامب عن “السلام” يأتي بينما تمطر إسرائيل غزة نارًا ودمارًا. لم نسمع منه إدانة واحدة للمجازر في القطاع، ولا موقفًا إنسانيًا تجاه الأطفال تحت الأنقاض،

ولا حتى دعوة لرفع الحصار أو السماح بمرور المساعدات. وكأن غزة لا تدخل ضمن حسابات السلام ولا تستحق حتى مجرد الإشارة.

في ظل هذه المسرحية، تُطرح الأسئلة الحقيقية:

  • هل تمتلك قطر أدوات عسكرية لتكون طرفًا في معادلة الردع بين إيران وإسرائيل؟
  • ما حجم الضرر الذي لحق بقطر لتنال كل هذا الامتنان من ترامب؟
  • لماذا لم يدعُ ترامب إلى وقف الحرب في غزة كما يتحدث عن سلام مع إيران؟
  • لماذا تُفتح القنوات السياسية مع من يحاصر غزة، وتُغلق في وجه معاناة أهلها؟
  • لماذا يُراد للسلام أن يكون مع الكيان المحتل فقط، بينما يُترك الفلسطينيون فريسة للقصف والجوع والحصار

الواقع أن تصريحات ترامب ليست إلا حلقة جديدة في مسلسل التضليل، هدفها الخلط المتعمد بين الضحية والجلاد، وتوجيه البوصلة نحو صراعات تُخدم المشروع الإسرائيلي وتُهمّش الحق الفلسطيني. إنها محاولة لخلق “عدو بديل”، وإعادة تدوير الخطر، وتبرير المزيد من التدخلات باسم الأمن الإقليمي.

لكن الشعوب، وإن جُرحت، لن تُخدع للأبد. فالتاريخ لا ينسى، والوعي العربي لم يعد كما كان، والمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.

قال تعالي “ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله” صدق الله العظيم.

وفي النهاية، ستُكشف الوجوه الحقيقية، وستسقط أقنعة السلام الزائف، ويظل صوت الحق أقوى من صدى الأكاذيب، ما دام هناك من يكتب، ومن يرفض، ومن لا يقايض الدم بالوهم.

اترك تعليق