بقلم حسن النجار : ترامب يفرض كلمته ويُنهي حرب إيران وإسرائيل المفاجئة 

المفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم الباحث في الشؤون السياسية الدولية  

0 87٬056

بقلم | حسن النجار   

انتهت حرب الأيام الـ12 بين إيران وإسرائيل بصواريخ طهران على مدينة بئر السبع، قبل لحظات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لتنتهي بذلك مرحلة التصعيد العسكري وتبدأ أخرى من التفاوض،

وسط اتفاق لا تزال ملامحه غامضة وأسئلته معلقة. لكن المفاجأة الكبرى جاءت بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتهاء المواجهة، قائلًا إن “إيران وإسرائيل ستحضران في وقت واحد”، قبل أن يختم كلمته بكلمة واحدة: “سلام”.

إذا كان هناك رابح فعلي في هذه الحرب، فهو دونالد ترامب، الذي أثبت مجددًا أنه قادر على فرض رؤيته على الجميع. ورغم ما تعرض له من ضغوط دولية من الغرب والعالم العربي لوقف التصعيد،

فإنه وحده من استطاع أن يُنهي المعركة. وتشير معطيات عديدة إلى أن الاتفاق تم بوساطة قطرية، لكن القرار كان أمريكيًا، وتنفيذه جاء بأمر من ترامب، الذي أجبر إسرائيل على التوقف رغم أنها هي من بدأت هذه الحرب.

هذه هي سياسة الحسم والقوة، التي غابت عن إدارة الرئيس جو بايدن، حيث فشلت مرارًا في فرض إرادتها على إسرائيل. أما ترامب، فقد نجح من خلال ضربات عسكرية دقيقة داخل إيران، والتي مثلت نقطة تحول نحو التهدئة.

ويُقال إن بداية التوجه نحو وقف النار بدأت فعليًا بعد القصف الأمريكي للمواقع النووية الإيرانية، وهو ما دفع طهران لتوجيه ضربة رمزية لقاعدة “العديد” الأمريكية في قطر، بهدف حفظ ماء وجهها، في مشهد بدا وكأنه متفق عليه مسبقًا.

ورغم تلك النهاية، فإن طهران خرجت خاسرة من هذه الحرب، مثلما خسرت من قبل. فقد تراجع دورها الإقليمي، وتعرض برنامجها النووي لضربة قاصمة، وأصيبت بنيتها التحتية العسكرية بخسائر كبيرة، إلى جانب اغتيال عدد من كبار قادتها على يد إسرائيل.

لذلك يبدو أن هذا الاتفاق لم يكن نصرًا لإيران بقدر ما هو محاولة لاحتواء الخسائر، وتمرير اتفاق صعب داخليًا، تُمهّد له الضربة الرمزية على قاعدة العديد.

لكن الاتفاق لا يعني نهاية الخلافات. فلا يزال الملف الصاروخي الإيراني محل خلاف، بعد أن استخدمته طهران لضرب إسرائيل وقاعدة أمريكية. أما مصير البرنامج النووي،

فلا يزال غامضًا، رغم تأكيد ترامب أنه تم القضاء عليه بالكامل، في حين تؤكد إيران احتفاظها بمواد نووية من بينها نحو 500 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%.

وهنا تنتقل الكرة إلى ملعب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي يُفترض أن تحدد مدى حقيقة ما تبقى من القدرات النووية الإيرانية، خاصة في ظل دعوة مديرها العام لزيارة طهران والاطلاع على ما جرى داخل المنشآت المستهدفة.

أما ملف الميليشيات المرتبطة بإيران، فيبدو أنه لن يشكل محورًا رئيسيًا للخلاف، نظرًا لتراجع دور هذه القوى في المعركة الأخيرة. فلم يسجل أي تحرك فعلي لحزب الله أو الحشد الشعبي، باستثناء الحوثيين الذين أطلقوا بضعة صواريخ قبل بداية المواجهة، ما يشير إلى ضعف التأثير الإيراني المباشر على الأرض.

في النهاية، يبدو أن الولايات المتحدة تعاملت مع المشهد بمنطق “التهدئة المدروسة”، وسمحت لإيران بتوجيه ضربة محسوبة من أجل حفظ ماء وجهها، مقابل فتح باب جديد لمفاوضات أكثر عمقًا خلال المرحلة المقبلة.

ومن المهم هنا الإشارة إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يشير إلى دور روسي خفي ومؤثر في ملف الاتفاق النووي، قد يظهر بقوة في المفاوضات القادمة.

فهل يصمد وقف إطلاق النار؟ وهل يكون هذا الاتفاق بوابة لسلام فعلي أم مجرد هدنة مؤقتة؟ الإجابة مرهونة بالأسابيع المقبلة.

اترك تعليق